من حُكمِ الإِسلامِ، والمُستأمَنُ غيرُ مُلتزِمٍ لذلك، ولهذا يَثبتُ هذا الحُكمُ في حَقِّ الذِّميِّ؛ لأنَّه مُلتزمٌ حُكمَ الإِسلامِ فيما يَرجعُ إلى المُعامَلاتِ، ووَصيةُ الذِّميِّ للحَربيِّ المُستأمَنِ بالثُّلثِ تَكونُ صَحيحةً بمَنزلةِ وَصيةِ المُسلمِ للذِّميِّ.
ووَصيةُ المُسلمِ أو الذِّميِّ لحَربيٍّ في دارِ الحَربِ لا تَكونُ صَحيحةً وإنْ أَجازَها الوَرثةُ إلا أنْ يَشاؤُوا أنْ يَهبُوا له شَيئًا من أَموالِهم فيَجوزَ ذلك إذا قبَضَ؛ لأنَّ مَنْ في دارِ الحَربِ في حَقِّ مَنْ هو في دارِ الإِسلامِ كالمَيتِ، فإنْ كانَ وارِثُ المُستأمَنِ معه بأَمانٍ فينا لم تَجُزْ وَصيتُه فيما زادَ على الثُّلثِ إلا بإِجازةِ الوارِثِ؛ لأنَّ حَقَّ وارِثِه ههنا مُراعًى بسَببِ الأَمانِ كحَقِّه، فإنْ حضَرَ له وارِثٌ آخَرُ من دارِ الحَربِ شارَكَ الذي كانَ حاضِرًا في مِيراثِه ولم يَكنْ للمُوصَى له إلا الثُّلثُ (١).
وقالَ شَيخي زادهْ: الوَصيةُ لحَربيٍّ هو في دارِهم باطِلةٌ؛ لأنَّها بِرٌّ وصِلةٌ وقد نُهينا عن بِرِّ مَنْ يُقاتِلُنا؛ لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ … ﴾ [الممتحنة: ٩] الآيةَ، وفي «السِّيَر الكَبير» ما يَدلُّ على الجَوازِ ووَجهُ التَّوفيقِ أنَّه لا يَنبَغي أنْ يُفعلَ وإنْ فُعلَ جازَ، كذا في «الكافي» وفيه تَأمُّلٌ، وأمَّا وَصيةُ الحَربيِّ بعدَما دخَلَ دارَنا بأَمانٍ؛ فإنَّها جائِزةٌ؛ لأنَّ له وِلايةَ تَمليكِ المالِ في حَياتِه فكذا بعدَ مَماتِه، خَلا أنَّه لا فَرقَ بينَ وَصيتِه بالثُّلثِ أو بجَميعِ