للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الحَنفيةُ: لو أَوصَى لفَرسِ فُلانٍ يُنفَقُ عليه كلَّ شَهرٍ عَشرةٌ فالوَصيةُ لصاحِبِ الفَرسِ، فلو نفَقَ أو باعَه بطَلَت الوَصيةُ (١).

وقالَ الشافِعيةُ: الوَصيةُ لدابةِ غيرِه باطِلةٌ، سَواءٌ أقصَدَ تَمليكَها أم أطلَقَ؛ لأنَّ مُطلَقَ اللَّفظِ للتَّمليكِ وهي لا تَملكُ حالًا ولا مآلًا.

قالَ الزَّركَشيُّ: وقياسُ ما مَرَّ من صِحةِ الوَقفِ على الخَيلِ المُسبَلةِ صِحةُ الوَصيةِ لها بل أوْلى، أي: عندَ الإِطلاقِ.

فإنْ فسَّرَ الوَصيةَ لها بالصَّرفِ إلى عَلفِها فوَصيةٌ صَحيحةٌ، وتَكونُ لمالِكِها؛ لأنَّ عَلفَها عليه، فهو المَقصودُ بها كالوَصيةِ لعِمارةِ دارِه؛ فإنَّها له؛ لأنَّ عِمارتَها عليه، فهو المَقصودُ بها، ويُشتَرطُ قَبولُ مالِكِ الدابةِ لها، وكذا مالِكُ الدارِ كسائِرِ الوَصايا، ثم يَتعيَّنُ صَرفُه في الأُولَى لعَلفِها وفي الثانيةِ للعِمارةِ فيما يَظهرُ، رِعايةً لغَرضِ الوَصيِّ، فيَتولَّى الإِنفاقَ عليها الوَصيُّ أو نائِبُه من مالِكٍ أو غيرِه ثم القاضي أو نائِبُه كذلك.

ولو ماتَ المُوصي قبلَ التَّفسيرِ رجعَ إلى وارِثِه، فإنْ قالَ: «أرادَ العَلفَ»، صَحَّت وإلا حلَفَ وبطَلَت، فإنْ قالَ: «لا أدْري ما أَرادَ»، بطَلَت فتَصحُّ في صُورةٍ وتَبطلُ في صُورتَينِ.

ولو تَنازعَ الوارِثُ ومالِكُ الدابةِ فقالَ المالِكُ: «أَرادَ تَمليكي»، وقال الوارِثُ: «تَمليكَها» صُدِّق الوارِثُ بيَمينِه؛ لأنَّه غارِمٌ.

ولو باعَها مالِكُها انتقَلَت الوَصيةُ للمُشتَري كما في العَبدِ، وهذا قَولُ النَّوويِّ.


(١) «الفتاوى الهندية» (٦/ ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>