للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ كانَ الوارِثُ جَماعةً اعتُبِرَ القَبولُ أو الرَّدُّ من جَميعِهم، فإنْ رَدَّ بعضُهم وقبِلَ بعضٌ ثبَتَ للقابِلِ حِصتُه وبطَلَت الوَصيةُ في حَقِّ مَنْ رَدَّ.

قالَ الإِمامُ الشافِعيُّ : ولو ماتَ المُوصي ثم ماتَ المُوصَى له قبلَ أنْ يَقبلَ أو يَردَّ كانَ لوَرثتِه أنْ يَقبَلوا أو يَردُّوا، فمَن قبلَ منهم فله نَصيبُه بمِيراثِه ممَّا قبِلَ، ومَن رَدَّ كانَ ما رَدَّ لوَرثةِ المَيتِ (١).

وقالَ الإِمامُ الماوَرديُّ : إذا ماتَ المُوصَى له قبلَ قَبولِه ورَدِّه فعلى مَذهبِ الشافِعيِّ يَقومُ وارِثُه مَقامَه في القَبولِ والرَّدِّ، ولا تَبطُلُ الوَصيةُ بمَوتِه قبلَ القَبولِ (٢).

وقالَ ابنُ قُدامةَ: فإنْ كانَ فيهم مَنْ ليسَ من أهلِ التَّصرفِ قامَ وَليُّه مَقامَه في القَبولِ والرَّدِّ، وليسَ له أنْ يَفعلَ إلا ما للمَولَى عليه الحَظُّ فيه، فإنْ فعَلَ غيرُه لم يَصحَّ، فإذا كانَ الحَظُّ في قَبولِها فرَدَّها لم يَصحَّ رَدُّه وكانَ له قَبولُها بعدَ ذلك، وإنْ كانَ الحَظُّ في رَدِّها فقبِلَها لم يَصحَّ قَبولُه؛ لأنَّ الوَليَّ لا يَملِكُ التَّصرفَ في حَقِّ المَولى عليه بغيرِ ما له الحَظُّ فيه، فلو أَوصَى لصَبيٍّ بذي رَحمِه له يُعتَقُ بمِلكِه له وكانَ على الصَّبيِّ ضَررٌ في ذلك بأنْ تَلزمَه نَفقةُ المُوصَى به لكَونِه فَقيرًا لا كَسبَ له، والمَولَى عليه مُوسرٌ لم يَكنْ له قَبولُ الوَصيةِ، وإنْ لم يَكنْ عليه ضَررٌ لكَونِ المُوصَى به ذا كَسبٍ أو لكَونِ المَولَى عليه فَقيرًا لا تَلزمُه نَفقتُه تَعيَّن قَبولُ الوَصيةِ؛ لأنَّ في ذلك نَفعًا


(١) «الأم» (٤/ ٩٧).
(٢) «الحاوي الكبير» (٨/ ٢٥٧، ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>