للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ عابدِين: وحاصِلُه أنَّه لا تَنبَغي الوَصيةُ بتَمامِ الثُّلثِ، بل المُستحبُّ التَّنقيصُ عنه مُطلقًا؛ لأنَّه قد استَكثَرَ الثُّلثَ بقَولِه «والثُّلثُ كَثيرٌ»، لكنَّ التَّنقيصَ عندَ فَقرِ الوَرثةِ -وإنْ كانَ مُستحبًّا- هناك ما هو أَولى منه، وهو التَّركُ أَصلًا؛ فإنَّ المُستحبَّ تَتفاوتُ دَرجاتُه، وكذا المَسنونُ والمَكروهُ وغيرُهما.

هذا وفي «القُهُستاني»: إذا كانَ المالُ قَليلًا لا يَنبَغي أنْ يُوصيَ على ما قالَ أَبو حَنيفةَ، وهذا إذا كانَ الأَولادُ كِبارًا، فلو كانوا صغارًا فالتَّركُ أفضَلُ مُطلقًا على ما رُويَ عن الشَّيخَينِ كما في «قاضيخان» اه.

فالتَّفصيلُ إنَّما هو في الكِبارِ، أمَّا الصِّغارُ فتَركُ المالِ لهم أفضَلُ ولو كانوا أَغنياءَ.

تَنبيهٌ: قالَ في «الحاوي القُدسي»: مَنْ لا وارِثَ له ولا دَينَ عليه فالأوْلى أنْ يُوصيَ بجَميعِ مالِه بعدَ التَّصدُّقِ بيَدِه (١).

وقالَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ: المُستحبُّ أنْ يُوصيَ بالخُمسِ؛ لأنَّ النَّبيَّ قالَ لسَعدٍ: «والثُّلثُ كَثيرٌ» مع إِخبارِه إياه بكَثرةِ مالِه وقِلةِ عِيالِه؛ فإنَّه قالَ في الحَديثِ: «إنَّ لي مالًا كَثيرًا ولا يَرِثُني إلا ابنَتي».

وعن سَعدِ بنِ مالِكٍ قالَ: مَرِضت مَرضًا فعادَني رَسولُ اللهِ ، فقالَ لي: «أَوصَيتَ؟» فقُلتُ: نَعَمْ، أَوصيتُ بمالي كلِّه


(١) «حاشية ابن عابدين» (٦/ ٦٥١، ٦٥٢)، ويُنظَر: «الاختيار» (٥/ ٧٩)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٣٨٠)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ٤٢٠)، و «العناية» (١٦/ ٧٤، ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>