للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأيضًا: فمُخالَفةُ أمرِ اللهِ عندَ القُربِ من المَوتِ تَدلُّ على الخَسارةِ الشَّديدةِ، وذلك من أكبَرِ الكَبائرِ. انتَهى.

وجَرَى على ذلك كلِّه الزَّركَشيُّ؛ فإنَّ بعضَ المُتأخِّرينَ قالَ: رأيتُ بخَطِّ الزَّركَشيِّ ما لَفظُه … وساقَ ما ذكَرتُه عن ابنِ عادِلٍ جَميعَه إلا قَليلًا منه، وهو عَجيبٌ من الزَّركَشيِّ؛ فإنَّ ما أطلَقَه في الوَصيةِ بأكثَرَ من الثُّلثِ لا يأتِي على قَواعِدِنا؛ لأنَّ ذلك عندَنا مَكروهٌ، لا حَرامٌ، فَضلًا على كَونِه كَبيرةً.

نَعَم، الظاهِرُ أنَّه يَحرمُ عليه ذلك إنْ قصَدَ حِرمانَ وَرثتِه وعلِمَ أنَّ من أوصى له يَستولي على أكثَرَ من الثُّلثِ ظُلمًا وعُدوانًا، وحينَئذٍ لا يَبعُدُ أنْ تُعدَّ وَصيَّتُه حينَئذٍ كَبيرةً؛ لأنَّ فيه أبلَغَ الإِضرارِ بالوَرثةِ، سيَّما في هذه الحالةِ التي يَصدُقُ فيها الكاذِبُ ويَتوبُ فيها الفاجِرُ، فإِقدامُه على ذلك دَليلٌ ظاهِرٌ على قَسوةِ قَلبِه وفَسادِ لُبِّه وغايةِ جَرأتِه، فلذلك يُختمُ له بشَرِّ عَملِه فيَدخلُ النارَ.

ومن الإِضرارِ في الوَصيةِ أنْ يُوصيَ على نَحوِ أَطفالِه من يَعلمُ من حالِه أنَّه يأكُلُ مالَهم أو يَكونُ سَببًا لضَياعِه لكَونِه لا يُحسنُ التَّصرُّفَ فيه أو لنَحوِ ذلك (١).

وقالَ الرَّمليُّ: قالَ الأذرَعيُّ: ويَظهرُ الجَزمُ بالتَّحريمِ إذا قُصدَ به حِرمانُ الوارِثِ؛ لمَا فيه من المُضادةِ وتَضييعِ المالِ؛ إذْ لا ثَوابَ مع هذا القَصدِ


(١) «الزواجر» (١/ ٥١٠، ٥١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>