قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ ﵀: وذلك -واللهُ ﷾ أعلَمُ- لأنَّ الوَعيدَ أتى مَنوطًا بذِكرِ ذلك في القُرآنِ، قالَ اللهُ ﷿: ﴿غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (١٢) تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ﴾ [النساء: ١٢، ١٣]، ثم ذكَرَ الوَعيدَ بإثرِ ذلك فيمَن تَعدَّى حُدودَ اللهِ (١).
وقالَ الإِمامُ ابنُ حَجرٍ الهَيثَميُّ: صرَّحَ جَمعٌ من أئِمَّتِنا ومن غيرِهم بأنَّ ذلك -أي: الإِضرارَ في الوَصيةِ- من الكَبائرِ.
قالَ ابنُ عادِلٍ في تَفسيرِه: اعلَمْ أنَّ الإِضرارَ في الوَصيةِ يَقعُ على وُجوهٍ:
منها: أنْ يُوصيَ بأكثَرَ من الثُّلثِ، أو يُقرَّ بكلِّ مالِه أو بعضِه لأَجنبيٍّ، أو يُقرَّ على نَفسِه بدَينٍ لا حَقيقةَ له دَفعًا للمِيراثِ عن الوَرثةِ، أو يُقرَّ بأنَّ الدَّينَ الذي كانَ له على فُلانٍ استَوفاه منه، أو يَبيعَ شَيئًا بثَمنٍ رَخيصٍ ويَشتريَ شَيئًا بثَمنٍ غالٍ، كلُّ ذلك لغَرضِ ألَّا يَصلَ المالُ إلى الوَرثةِ، أو يُوصيَ بالثُّلثِ لا لوَجهِ اللهِ ﷾، لكنْ لغَرضِ تَنقيصِ الوَرثةِ، فهذا هو الإِضرارُ في الوَصيةِ.
ويَدلُّ على ذلك قَولُه تَعالى بعدَ هذه الآيةِ: ﴿تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ﴾ [النساء: ١٣]، قالَ ابنُ عَباسٍ: في الوَصيةِ، ﴿وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ [النساء: ١٤]، قالَ: في الوَصيةِ.