للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأجازَ أَبو بَكرٍ ومالَ إليه ابنُ قُدامةَ الأَكلَ مِنْ أُضحيةِ النَذرِ.

قالَ ابنُ قُدامةَ : «وإنْ نذَرَ أُضحيةً في ذِمتِه ثُم ذبَحَها فله أنْ يَأكلَ منها. وقالَ القاضِي: مِنْ أَصحابِنا مَنْ منَعَ الأَكلَ منها وهو ظاهُر كَلامِ أَحمدَ وبناه على الهَدي المَنذورِ.

ولنا: أنَّ النَّذرَ مَحمولٌ على المَعهودِ، والمَعهودُ مِنْ الأُضحيةِ الشَّرعيةِ ذَبحُها والأَكلُ منها، والنَّذرُ لا يُغيرُ مِنْ صِفةِ المَنذورِ إلا الإِيجابَ، وفارَقَ الهَديَ الواجبَ بأَصلِ الشَّرعِ لا يَجوزُ الأَكلُ منه، فالمَنذورُ مَحمولٌ عليه بخِلافِ الأُضحيةِ» (١).

وعلى المَذهبِ إنْ أكَلَ منها ما مُنعَ مِنْ أَكلِه ضمِنَه بمِثلِه لَحمًا؛ لأنَّ الجَميعَ مَضمونٌ عليه بمِثلِه حَيوانًا فكذلك أَبعاضُه، وكذلك إنْ أَعطى الجازِرَ منها شَيئًا ضمِنَه بمِثلِه.

وإنْ باعَ شَيئًا منها أو أتلَفَه ضمِنَه بمِثلِه؛ لأنَّه مَمنوعٌ مِنْ ذلك فأشبَهَ عطيَّتَه للجازرِ، وإنْ أتلَفَ أَجنبيٌّ منه شَيئًا ضمِنَه بقيمتِه؛ لأنَّ المُتلَفَ مِنْ غيرِ ذَواتٍ فلزِمَتْه قِيمتُه كما لو أتلَفَ لَحمًا لآدميٍّ مُعيَّنٍ (٢).

وقالَ الإِمامُ ابنُ هُبيرةَ : «واختلَفُوا فيما يَجوزُ للمُهدي أَكلُه مِنْ الهَدي وما لا يَجوزُ.


(١) «المغني» (٩/ ٣٦٢).
(٢) «المغني» (٣/ ٢٨٨، ٢٨٩)، و «الكافي» (١/ ٤٦٨)، و «شرح الزركشي» (١/ ٥٨٤، ٥٨٥)، و «كشاف القناع» (٣/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>