ونَحوِه لمْ يَجزِ الأَكلُ منه أيضًا كجَزاءِ الصَّيدِ، ومُقتضى كَلامِ الأَصحابِ أنَّه لا فَرقَ بينَ كَونِ المُلتزَمِ مُعيَّنًا أو مُرسلًا في الذِّمةِ ثُم يَذبحُ عنه.
فإنْ أطلَقَ الالتِزامَ فلمْ يُعلِّقْه بشَيءٍ وقلْنا بالمَذهبِ إنَّه يَصحُّ نَذرُه ويَلزمُه الوَفاءُ؛ نُظِرَ فإنْ كانَ المُلتزَمُ مُعيَّنًا بأنْ قالَ:«لله عليَّ أنْ أُضحيَ بهذه أو أُهديَ هذه» ففي جَوازِ الأَكلِ منها قَولانِ، ووَجهٌ أو ثَلاثةُ أَوجهٍ:
أَصحُّها: لا يَجوزُ الأَكلُ مِنْ الهَدي ولا الأُضحيةِ. والثانِي: يَجوزُ.
والثَّالثُ: يَجوزُ مِنْ الأُضحيةِ دونَ الهَدي، وأَدلةُ الثَّلاثةِ في الكِتابِ. ومِن هذا القَبيلِ ما المُرسَل والمَنع سواءٌ عيَّنَ عَينَه ثُم ذبَحَ أو ذبَحَ بلا تَعيينٍ؛ لأنَّه عن دَينٍ في الذِّمةِ فأشبَهَ الجُبراناتِ. وبهذا قالَ الماوَرديُّ. وهو مُقتضى سياقِ الشَّيخِ أَبي علي.
وحيثُ منَعْنا الأَكلَ في المَنذورةِ فأكَلَ فعليه الغُرمُ.
وفيما يَغرمُه الأَوجهُ الثَّلاثةُ السابقةُ في الجُبراناتِ. وحيثُ جوَّزْنا الأَكلَ ففي قَدرِ ما يَأكلُه القَولانِ في أُضحيةِ التَّطوعِ. كذا قالَه البَغويُّ.
قالَ الرَّافعيُّ:«ولك أْنْ تَقولَ ذلك الخِلافَ في قَدرِ المُستحبِّ أَكلُه. ولا يَبعدُ أنْ يُقالَ لا يُستحبُّ الأَكلُ، وأَقلُّ ما في تَركِه الخُروجُ مِنْ الخِلافِ، واللهُ أَعلمُ»(١).
وقالَ الحَنابِلةُ: لا يَجوزُ الأَكلُ مِنْ المَنذورِ لتَعيينِه للهِ تَعالى ولا مِنْ نَذرِ الأُضحيةِ على الصَّحيحِ مِنْ المَذهبِ.