للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانِي: أنَّ قياسَ المَنذورِ على المَنذورِ أَولى مِنْ قياسِه على المَفروضِ بأَصلِ الشَّرعِ، ولأنَّ هذا قد وجَبَتْ فيه كَفارةٌ فأجزَأَتْ عنه بخِلافِ المَشروعِ.

وقَولُهم: «إنَّ المُطلَقَ مِنْ كَلامِ الآدميِّ مَحمولٌ على المَعهودِ في الشَّرعِ». قلْنا ليسَ هذا بمُطلَقٍ، وإنَّما هو مَنذورٌ مُعيَّنٌ ويَتخرجُ ألَّا تَلزمُه كَفارةٌ في العَجزِ عنه كما في العَجزِ الواجبِ بأَصلِ الشَّرعِ.

فصلٌ: وإنْ عجَزَ لعارضٍ يُرجى زَوالُه مِنْ مَرضٍ أو نحوِه انتظَرَ زَوالَه ولا تَلزمُه كَفارةٌ ولا غيرُها لأنَّه لمْ يَفتِ الوَقتُ فيُشبُه المَريضَ في شَهرِ رَمضانَ فإنِ استَمرَّ عَجزُه إلى أنْ صارَ غيرَ مَرجوِّ الزَّوالِ صارَ إلى الكَفارةِ والفِديةِ على ما ذكَرْنا مِنْ الخِلافِ فيه، فإنْ كانَ العَجزُ المَرجوُّ الزَّوالِ عن صَومٍ مُعيَّنٍ فاتَ وَقتُه انتظَرَ الإِمكانَ ليَقضيَه، وهل تَلزمُه لفَواتِ الوَقتِ كَفارةٌ على رِوايتَينِ ذكَرَهما أَبو الخَطابِ:

إِحداهما: تَجبُ الكَفارةُ لأنَّه أخَلَّ بما نذَرَه على وَجهِه فلزِمَتْه الكَفارةُ كما لو نذَرَ المَشيَ إلى بَيتِ اللهِ الحَرامِ فعجَزَ، ولأنَّ النَّذرَ كاليَمينِ ولو حلَفَ ليَصومنَّ هذا الشَّهرَ فأفطَرَه لعُذرٍ لزِمَتْه كَفارةٌ كذا هاهنا.

والثَّانيةُ: لا تَلزمُه لأنَّه أَتى بصِيامٍ أَجزَأَه عن نَذرِه مِنْ غيرِ تَفريطٍ منه فلمْ تَلزمْه كَفارةُ يَمينٍ كما لو صامَ ما عيَّنَه.

فصلٌ: وإنْ نذَرَ غيرَ الصِّيامِ فعجَزَ عنه كالصَّلاةِ ونَحوِها فليسَ عليه إلا الكَفارةُ؛ لأنَّ الشَّرعَ لمْ يَجعلْ لذلك بَدلًا يُصارُ إليه فوجَبَتِ الكَفارةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>