للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن ابنِ عَباسٍ أنَّ رَسولَ اللهِ قالَ: «مَنْ نذَرَ نَذرًا لمْ يُسمِّه فَكَفارتُه كَفارةُ يَمينٍ، ومَن نَذرَ نَذرًا في مَعصيةٍ فَكَفارتُه كَفارةُ يَمينٍ، ومَن نذَرَ نَذرًا لا يُطيقُه فكَفارتُه كَفارةُ يَمينٍ، ومَن نذَرَ نَذرًا أطاقَه فليَفِ به» (١).

فإذا كفَّرَ وكانَ المَنذورُ غيرَ الصيامِ لمْ يَلزمْه شيءٌ آخرُ، وإنْ كانَ صيامًا فعن أَحمدَ رِوايتانِ:

إِحداهما: يَلزمُه لكلِّ يَومٍ إِطعامُ مِسكينٍ وهي المَذهبُ؛ لأنَّه صَومٌ وُجدَ سَببُ إيجابِه عَينًا، فإذا عجَزَ عنه لزِمَه أنْ يُطعمَ عن كلِّ يَومٍ مِسكينًا كصيامِ رَمضانَ، ولأنَّ المُطلَقَ مِنْ كَلامِ الآدميينَ يُحملُ على المَعهودِ شَرعًا ولو عجَزَ عن الصَّومِ المَشروعِ أطعَمَ عن كلِّ يَومٍ مِسكينًا، وكذلك إذا عجَزَ عن الصَّومِ المَنذورِ.

والثانيةُ: لا يَلزمُه شيءٌ آخرُ مِنْ إِطعامٍ ولا غيرِه؛ لقَولِه : «ومَن نذَرَ نَذرًا لا يُطيقُه فكَفارتُه كَفارةُ يَمينٍ» (٢) وهذا يَقتضي أنْ تَكونَ كَفارةُ اليَمينِ جَميعَ كَفارتِه، ولأنَّه نَذرٌ عجَزَ عن الوَفاءِ به فكانَ الواجبُ فيه كَفارةُ يَمينٍ كسائرِ النُّذورِ، ولأنَّ مُوجِبَ النَّذرِ مُوجِبُ اليَمينِ إلا معَ إِمكانِ الوَفاءِ به إذا كانَ قُربةً، قالَ ابنُ قُدامةُ : «ولا يَصحُّ قياسُه على صَومِ رَمضانَ لوَجهينِ:

أَحدُهما: أنَّ رَمضانَ يُطعمُ عنه عندَ العَجزِ بالمَوتِ فكذلك في الحَياةِ، وهذا بخِلافِه، ولأنَّ صَومَ رَمضانَ آكدٌ بدَليلِ وُجوبِ الكَفارةِ بالجِماعِ فيه وعِظمِ إِثمِ مَنْ أفطَرَ بغيرِ عُذرٍ.


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٣٣٢٢).
(٢) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو داود (٣٣٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>