للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ الاسمَ يَختَلفُ ولهذا يَستَحلفُ القاضِي بالأَسماءِ والصِّفاتِ مِنْ غيرِ حرفِ العَطفِ فيَقولُ: «واللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ الطالِبِ المُدرِكِ»، ولا يَجوزُ أنْ يَستَحلفَ معَ حرفِ العَطفِ؛ لأنَّه ليسَ على المُدعَى عليه إلا يَمينٌ واحِدةٌ.

ورَوى الحَسنُ بنُ زِيادٍ عن أَبي حَنيفةَ أنَّه يَكونُ يَمينًا واحِدةً، وبه أخَذَ زُفرُ وقد رُويَ هذا أيضًا عن أَبي يُوسفَ في غيرِ رِوايةِ الأُصولِ؛ لأنَّ حرفَ العَطفِ قد يُستَعملُ للاستِئنافِ وقد يُستَعملُ للصِّفةِ فإنَّه يُقالُ: «فُلانٌ العالِمُ والزاهِدُ والجَوادُ والشُّجاعُ»، فاحتَملَ المُغايرةَ واحتَملَ الصِّفةَ، فلا تَثبتُ يَمينٌ أُخرَى معَ الشكِّ (١).

وذهَبَ المالِكيةُ إلى أنَّ مَنْ حلَفَ على شيءٍ واحدٍ بأَيمانٍ مُختَلفةٍ مثلَ أن يَحلفَ بالعِتقِ والطَّلاقِ وباللهِ العَظيمِ أو على عَهدِ اللهِ ومِيثاقِه، ثم يَحنَثُ لزِمَه كلُّ ما حلَفَ به إلا أنْ يَنويَ التَّأكيدَ فتَكونُ يَمينًا واحِدةً؛ لأنَّه لما خالَفَ بينَ اللَّفظينِ، وكلُّ واحدٍ يَجوزُ أنْ يُستَأنفَ به اليَمينُ كانَت يَمينَينِ ووجَبَ أنْ يَكونَ لكلِّ لَفظٍ فائِدةٌ مُحدَّدةٌ (٢).

وذهَبَ الشافِعيةُ ومُطرفٌ وابنُ الماجِشونِ وعِيسى بنُ دِينارٍ مِنْ المالِكيةِ إلى أنَّه إذا كرَّرَ أَيمانًا على شيءٍ واحدٍ وحنِثَ يَلزمُه كَفارةٌ واحِدةٌ؛ لأنَّها يَمينٌ واحِدةٌ زادَها تَغليظًا، فلَم تَجبْ بها إلا كَفارةٌ واحِدةٌ كقولِه: «واللهِ الطالِبِ الغالِبِ» (٣).


(١) «بدائع الصنائع» (٣/ ٩، ١٠)، و «المبسوط» (٨/ ١٥٧).
(٢) «شرح صحيح البخاري» (٦/ ١١٦)، و «الاستذكار» (٥/ ١٩٨)، و «الكافي» ص (١٩٤).
(٣) «الحاوي الكبير» (١٥/ ٢٨٠)، و «شرح صحيح البخاري» (٦/ ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>