أيْ: لأَجلِ وُجودِ زَحمةٍ، «أو وُجودِ ظَالمٍ» حمَلَه على الحَلفِ لصحَّةِ تَقييدِ يَمينِه بقولِه: «ما دامَتْ هذه الزَّحمةُ أَوِ الظَّالمُ مَوجودًا»، وكما لو كانَ خادِمُ المَسجدِ أو الحَمامِ يُؤَذيِ إِنسانًا كلَّما دخَلَه فقالَ ذلك الإِنسانُ:«واللهِ لا أَدخلُ هذا المَسجدَ أو هذا الحَمامَ»، فإنَّه يَصحُّ أنْ يُقيَّدَ بقولِه:«مَا دَامَ هذا الخادِمُ مَوجودًا»، فإنْ زالَ هذا الخَادمُ جَازَ له الدُّخولُ وإلا حنِثَ، وكما لو كانَ في طَريقٍ مِنْ الطُّرقِ ظَالمٌ يُؤذِي المارِّينَ بها فقالَ شَخصٌ:«واللهِ لا أَمرُّ في هذه الطَّريقِ»، أَيْ ما دامَ هذا الظَّالمُ فيها، وكذا لو كانَ فاسِقٌ بمَكانٍ فقالَ لزَوجتِه:«إنْ دخَلتِ هذا المَكانَ فأَنتِ طَالقٌ»، فإذا زالَ الفاسِقُ منه ودخَلتْ لَم يَحنَثْ؛ لأنَّه في قُوةِ قَولِه:«ما دامَ هذا الفاسِقُ مَوجودًا في ذلك المَكانِ».
بخِلافِ ما لو سبَّكَ إِنسانٌ فحَلَفتَ:«لا أُكلِّمُه» أو تَشاجَرَ معَ جارِه فحلَفَ: «لَا يَدخلُ بيتَه»، ونحوَ ذلك فليسَ فيه بِساطٌ؛ لأنَّه يُشتَرَطُ في نَفعِ البِساطِ ألا يَكون للحالِفِ مَدخَلٌ في السَّببِ الحامِلِ على اليَمينِ، كما لو تَنازَعَ معَ ولَدِه أو زَوجَتِه أو أَجنَبيٍّ فحلَفَ أنَّه لا يَدخُلُ على مَنْ تَنازَعَ معَه دارًا مَثلًا، ثم زالَ النِّزاعُ واصْطلَحَ الحَالفُ والمَحلوفُ عليه، فإنَّه يَحنَثُ بدُخولِه؛ لأنَّ الحَالفَ له مَدخلٌ في السَّببِ، فالبِساطُ هنا غيرُ نافِعٍ، كما أنَّه لا يَنْفَعُ فيما نجَزَ بالفِعلِ، كما لو تَشاجَرَتْ زَوجَتُه معَ أخِيه مَثلًا فَطلَّقَها ثم ماتَ أَخوه فَلا يَرتَفعُ الطَّلاقُ؛ لأنَّ رَفعَ الواقِعِ مُحالٌ، ومِثلُ ذلك ما لو دخَلَ على زَوجَتِه مَثلًا فوجَدَها أفسَدَتْ شَيئًا في اعتِقادِه فنجَزَ طَلاقُها، فتَبيَّنَ له بعدَ ذلك أنَّه لَم يَفسُدْ فليسَ هنا بِساطٌ.