للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه وضرَبَ لهم مثلَ التي نقَضَت غَزلَها مِنْ بعدِ قُوةٍ أَنكاثًا، ولا خِلافَ في أنَّ الحلَّ المُختلَفَ فيه لا يَدخلُه شيءٌ مِنْ هذا (١).

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختلَفُوا أيُّهما أَفضلُ: هل الأَفضلُ أنْ يُحنِّثَ نفسَه ويُكفِّرَ أم الأَفضلُ الوَفاءُ باليَمينِ ولا يُكفِّرُ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في الصَّحيحِ والحَنابِلةُ إلى أنَّ البِرَّ والوَفاءَ باليَمينِ أَفضلُ؛ لِما فيه مِنْ تَعظيمِ اللهِ تَعالى، وقد قالَ تَعالى: ﴿وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا﴾ [النحل: ٩١] وقولُه تَعالى: ﴿وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] أيْ: عن الحِنثِ (٢).

وذهَبَ الشافِعيةُ في قولٍ إلى أنَّ الأَفضلَ له الحِنثُ ليَنتفعَ الفُقراءُ بالكَفارةِ.

وقيلَ: يُخيَّرُ بينَهما.

ومَحلُّ الخِلافِ عندَ الشافِعيةِ ما إذا لَم يَكنْ في ذلك أذًى للغيرِ، فإنْ كانَ بأنْ حلَفَ لا يَدخلُ دارَ أحدِ أبوَيه أو أَقاربِه أو صَديقٍ يَكرُه ذلك فالأَفضلُ الحِنثُ قَطعًا، وعَقدُ اليَمينِ على ذلك مَكروهٌ بلا شكٍّ (٣).


(١) «المغني» (٩/ ٣٩٠).
(٢) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٨)، و «الاختيار» (٤/ ٥٧)، و «الفواكه الدواني» (١/ ٤١٤)، و «كشاف القناع» (٦/ ٢٩٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٣٧٧)، و «مطالب أولي النهى» (٦/ ٣٦٦).
(٣) «روضة الطالبين» (٧/ ١٤٣)، و «النجم الوهاج» (١٠/ ٢٧)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٢٠٩)، و «طرح التثريب» (٧/ ١٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>