وإذا أذِنَ وَليُّ السَّفيهِ له في البَيعِ والشِّراءِ فهل يَصحُّ منه على وَجهَينِ:
أحَدُهما: يَصِحُّ؛ لأنَّه عَقدُ مُعاوَضةٍ فملَكَه بالإذنِ كالنِّكاحِ، ولِأنَّه عاقِلٌ مَحجورٌ عليه، فصَحَّ تَصرُّفُه بالإذنِ فيه كالصَّبيِّ يُحقِّقُ هذا أنَّ الحَجرَ على الصَّبيِّ أعلَى مِنْ الحَجرِ عليه ثم يَصحُّ تَصرُّفُه بالإذنِ، فههنا أوْلَى، ولِأنَّا لو مَنَعنا تَصرُّفَه بالإذنِ لم يَكنْ لنا طَريقٌ إلى مَعرِفةِ رُشدِه واختِبارِه.
والثانِي: لا يَصحُّ لأنَّ الحَجرَ عليه لتَبذيرِه وسُوءِ تَصرُّفِه، فإذا أذِنَ له فقد أذِنَ فيما لا مَصلَحةَ فيه، فلم يَصحَّ كما لو أذِنَ في بَيعِ ما يُساوي عَشرةً بخَمسةٍ.
وقد تَقدَّمَ بَيانُ ذلك كُلِّه في كِتابِ الحَجرِ، وبَيَّنتُ الفَرقَ إذا أقَرَّ على نَفسِه بشَيءٍ قبلَ الحُكمِ عليه بالحَجرِ وبعدَه.
وأمَّا إذا أقَرَّ السَّفيهُ بحَدٍّ أو قِصاصٍ فإنَّ العُلَماءَ أجمَعوا على أنَّه يُؤاخَذُ بإِقرارِه في ذلك.
السَّفيهُ إمَّا أنْ يَتصرَّفَ تَصرُّفاتٍ لها عَلاقةٌ بالمالِ؛ كالبَيعِ والشِّراءِ والهِبةِ والعِتقِ فلا يَجوزُ تَصرُّفُه عندَ عامةِ الفُقهاءِ؛ إلا بإذنِ وَليِّه على تَفصيلٍ في كلِّ مَذهبٍ كما سَيأتي.
(١) «المغني» (٤/ ١٧١، ١٧٢)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٣٤، ٣٣٨)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٢٨، ٥٣٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٤٨٧، ٤٨٩)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٤١٥، ٤١٧).