ورُويَ عن أَحمدَ أنَّه سمِعَ عندَ ابنةِ صالِحٍ قَوَّالًا فلم يُنكِرْ عليه، وقالَ له صالِحٌ: يا أبَهْ أليسَ كُنْتَ تَكرَهُ هذا؟ فقالَ: إنَّه قيلَ لي: إنَّهم يَستَعمِلونَ المُنكَرَ.
وممَّن ذهَبَ إلى إباحَتِه من غيرِ كَراهةٍ سَعدُ بنُ إبراهيمَ وكَثيرٌ من أهلِ المَدينةِ والعَنبَريُّ؛ لمَا رُويَ عن عائِشةَ ﵂ قالَت: «كانَت عِندي جارِيتانِ تُغنِّيانِ فدخَلَ أَبو بَكرٍ فقالَ: مَزمورُ الشَّيطانِ في بَيتِ رَسولِ اللهِ ﷺ فقالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: دَعْهما؛ فإنَّها أيامُ عِيدٍ» مُتَّفقٌ عليه.
وعن عُمرَ ﵁ أنَّه قالَ: الغِناءُ زادُ الراكِبِ، واختارَ القاضِي أنَّه مَكروهٌ غيرُ مُحرَّمٍ وهو قَولُ الشافِعيِّ، قالَ: هو من اللَّهوِ المَكروهِ، وقالَ أَحمدُ: الغِناءُ يُنبِتُ النِّفاقَ في القَلبِ لا يُعجِبُني.
وذهَبَ آخَرونَ من أصحابِنا إلى تَحريمِه، قالَ أَحمدُ فيمَن ماتَ وخلَّفَ ولَدًا يَتيمًا وجاريةً مُغنيةً فاحتاجَ الصَّبيُّ إلى بَيعِها تُباعُ ساذَجةً، قيلَ له: إنَّها تُساوي مُغنيةً ثَلاثينَ ألفًا وتُساوي ساذَجةً عِشرينَ دينارًا، قالَ: لا تُباعُ إلا على أنَّها ساذَجةٌ.
واحتَجُّوا على تَحريمِه بما رُويَ عن ابنِ الحَنفيةِ في قَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (٣٠)﴾ [الحج: ٣٠] قالَ: الغِناءُ، وقالَ ابنُ عَباسٍ وابنُ مَسعودٍ في قَوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ﴾ [الأحزاب: ٦] قالَا: هو الغِناءُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute