للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَراهةً من سَماعِه من الرِّجالِ أو من جارِيَتِه أو زَوجتِه أو من ذاتِ رَحمٍ مَحرَمٍ؛ لأنَّه لا يُؤمَنُ الافتِتانُ بصَوتِها وإنْ كانَ صَوتُها ليسَ بعَورةٍ، كما أنَّ وَجهَها ليسَ بعَورةٍ ولا يَجوزُ له النَّظرُ إليه (١).

وقالَ الإمامُ الماوَرديُّ : اختَلفَ أهلُ العِلمِ في إِباحةِ الغِناءِ -أي: بدونِ آلاتٍ- وحَظرِه، فأباحَه أكثَرُ أهلِ الحِجازِ وحَظَرَه أكثَرُ أهلِ العِراقِ. وكرِهَه الشافِعيُّ وأبو حَنيفةَ ومالِكٌ في أصَحِّ ما نُقلَ عنهم، فلم يُبيحوه على الإطلاقِ ولم يَحظُروه على الإطلاقِ، فتَوسَّطوا فيه بالكَراهةِ بينَ الحَظرِ والإِباحةِ (٢).

وقالَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ: يُكرهُ الغِناءُ، وهو رَفعُ الصَّوتِ بالشِّعرِ على وَجهٍ مَخصوصٍ بلا آلةِ لَهوٍ كعُودٍ وطُنبورٍ ونَحوِهما ويُكرهُ استِماعُه إلا من أجنَبيةٍ، فيَحرُمُ التَّلذُّذُ به، وكذا يَحرُمُ معَ آلةِ لَهوٍ (٣).

وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : واختَلفَ أَصحابُنا في الغِناءِ فذهَبَ أَبو بَكرٍ الخَلَّالُ وصاحِبُه أَبو بَكرٍ عَبدُ العَزيزِ إلى إباحَتِه، وقالَ أَبو بَكرٍ عَبدُ العَزيزِ: والغِناءُ والنَّوحُ مَعنًى واحِدٌ مُباحٌ ما لم يَكنْ معَه مُنكَرٌ ولا فيه طَعنٌ، وكانَ الخَلَّالُ يَحمِلُ الكَراهةَ من أَحمدَ على الأَفعالِ المَذمومةِ لا على القَولِ بعَينِه.


(١) «البيان» (١٣/ ٢٩٢، ٢٩٥)، و «روضة الطالبين» (٧/ ٣٧٨، ٣٧٩)، و «شرح صحيح مسلم» (٦/ ١٨٢)، و «النجم الوهاج» (١٠/ ٢٩٧)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٣٧٣).
(٢) «الحاوي الكبير» (١٧/ ١٨٨).
(٣) «كشاف القناع» (٦/ ٥٣٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٦٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>