للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمامُ الرَّمليُّ : إنَّما تَعيَّنَ في أداءِ الشَّهادةِ لَفظُ «أشهَدُ» دونَ غَيرِه من الأَلفاظِ الدالةِ على تَحقيقِ الشَّيءِ لمُوافَقتِه الكِتابَ والسُّنةَ، فكانَ كالإِجماعِ على تَعيُّنِه، ولأنَّ الشَّهادةَ اسمٌ من المُشاهَدةِ وهي الاطِّلاعُ على الشَّيءِ عِيانًا وإنَّما تَعيَّنَ المُضارِعُ؛ لأنَّه مَوضوعٌ للإِخبارِ في الحالِ، ولأنَّه قد استُعمِلَ في القَسمِ نَحوَ: «أشهَدُ باللهِ لقد كانَ كذا»، أي أُقسِمُ، فتَضمَّنَ لَفظُ «أشهَدُ» مَعنى المُشاهَدةِ والقَسمِ والإِخبارِ في الحالِ، فكأنَّ الشاهِدَ قالَ: «أُقسِمُ باللهِ وأنا الآنَ أُخبِرُ به» وهذه المَعاني مَفقودةٌ في غَيرِه من الأَلفاظِ (١).

وذهَبَ المالِكيةُ في الأظهَرِ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ، وهو اختيارُ شَيخِ الإِسلامِ ابنِ تَيميةَ وابنِ القَيمِ، إلى أنَّه لا يُشتَرطُ لَفظُ «أشهَدُ»، وإنَّما المَدارُ على ما يَدلُّ على حُصولِ عِلمِ الشاهِدِ بما شهِدَ، ك «رأيتُ كذا، وسمِعتُ كذا، أو أتحَقَّقُ أنَّ لهذا عندَ هذا كذا»، فلا يُشتَرطُ لأدائِها صيغةٌ مُعيَّنةٌ؛ لأنَّه لا يُعرَفُ عن صَحابيٍّ، ولا تابِعيٍّ اشتِراطُ لَفظِ الشَّهادةِ، وفي الكِتابِ والسُّنةِ إِطلاقُ لَفظِ الشَّهادةِ على الخبَرِ المُجرَّدِ.

قالَ الإمامُ ابنُ القَيمِ : لا يُشتَرطُ في الشَّهادةِ التَّلفُّظُ بلَفظِ «أشهَدُ» وهذا أصَحُّ الرِّواياتِ عن أَحمدَ في الدَّليلِ، وإنْ كانَ الأشهَرُ عندَ


(١) «حاشية الرملي على أسنى المطالب شرح روض الطالب» (٤/ ٣٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>