قَولِهما بذلك قبلَ الشَّهادةِ، وهو مَذهبُ مالِكٍ وابنِ القاسِمِ، ومنهم مَنْ لم يَشتَرطْه وهو قَولُ مُطرِّفٍ وابنِ الماجِشونِ.
والذين أجازوا أيضًا شَهادةً امرَأةٍ واحِدةٍ منهم مَنْ لم يَشتَرطْ فُشوَّ قَولِها قبلَ الشَّهادةِ، وهو مَذهبُ أَبي حَنيفةَ -تَقدَّمَ أنَّه لا يَثبُتُ عندَه بشَهادةِ امرَأةٍ واحِدةٍ-، ومنهم مَنْ اشتَرطَ ذلك، وهي رِوايةٌ عن مالِكٍ، وقد رُويَ عنه أنَّه لا تَجوزُ فيه شَهادةُ أقَلَّ من اثنَتَينِ.
والسَّببُ في اختِلافِهم كما يَلي: أمَّا بينَ الأربَعِ والاثنَتَينِ فاختِلافُهم في شَهادةِ النِّساءِ هل عَديلُ كلِّ رَجلٍ هو امرَأتانِ فيما ليسَ يُمكِنُ فيه شَهادةُ الرَّجلِ أو يَكفي في ذلك امرَأتانِ …
وأمَّا اختِلافُهم في قَبولِ شَهادةِ المَرأةِ الواحِدةِ فمُخالَفةُ الأثَرِ الوارِدِ في ذلك للأصلِ المُجمَعِ عليه، أَعني أنَّه لا يُقبلُ من الرِّجالِ أقَلُّ من اثنَينِ وأنَّ حالَ النِّساءِ في ذلك إمَّا أنْ يَكونَ أضعَفَ من حالِ الرِّجالِ وإمَّا أنْ تَكونَ أَحوالُهنَّ في ذلك مُساويةً للرِّجالِ، والإِجماعُ مُنعَقِدٌ على أنَّه لا يُقضَى بشَهادةٍ واحِدةٍ.
والأمرُ الوارِدُ في ذلك هو حَديثُ عُقبةَ بنِ الحارِثِ قالَ:«يا رَسولَ اللهِ إنِّي تَزوَّجتُ امرَأةً فأتَت امرَأةٌ فقالَت: قد أرضَعتُكما، فقالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: «كيف وقد قيلَ؟ دَعها عنك»، وحَمَل بَعضُهم هذا الحَديثَ على النَّدبِ جَمعًا بينَه وبينَ الأُصولِ، وهو أشبَهُ، وهي رِوايةٌ عن مالِكٍ (١).