للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجنَبيةً كانَت أو أُمَّ أحَدِ الزَّوجَينِ، ولا يُفرَّقُ بينَهما بقَولِها، ويَسعُه المُقامُ معها حتى يَشهَدَ على ذلك رَجلانِ أو رَجلٌ وامرَأتانِ عُدولٌ، ولا يُقبلُ على الرَّضاعِ أقَلُّ من ذلك، ولا شَهادةُ النِّساءِ بانفِرادِهنَّ؛ لأنَّ الرَّضاعَ ممَّا يَطَّلعُ عليه الرِّجالُ؛ لأنَّ ذا الرَّحِمِ المَحرَمِ يَنْظُرُ إلى الثَّديِ، وهو مَقبولُ الشَّهادةِ في ذلك، ولأنَّ الحُرمةَ كما تَحصُلُ بالإرِضاعِ من الثَّديِ تَحصُلُ بالإِيجارِ من القارورةِ، وذلك يَطَّلعُ عليه الرِّجالُ فلا تُقبلُ فيه شَهادةُ النِّساءِ وَحدَهنَّ.

وحُجَّتُنا في ذلك حَديثُ عُمرَ قالَ: «لا يُقبلُ في الرَّضاعِ إلا شَهادةُ رَجلَينِ أو رَجلٍ وامرأتيَنِ»، وكان ذلك بمَحضَرٍ من الصَّحابةِ، ولم يَظهَرِ النَّكيرُ من أحَدٍ، فيَكونُ إِجماعًا، ولأنَّ هذا بابٌ ممَّا يَطَّلعُ عليه الرِّجالُ فلا يُقبلُ فيه شَهادةُ النِّساءِ على الانفِرادِ كالمالِ، وإنَّما قُلنا ذلك لأنَّ الرَّضاعَ ممَّا يَطَّلعُ عليه الرِّجالُ، أمَّا ثَديُ الأَمةِ فلأنَّه يَجوزُ للأجانِبِ النَّظرُ إليه، وأمَّا ثَديُ الحُرةِ فيَجوزُ لمَحارِمِها النَّظرُ إليه، فثبَتَ أنَّ هذه شَهادةٌ ممَّا يَطَّلعُ عليه الرِّجالُ فلا يُقبلُ فيه شَهادةُ النِّساءِ على الانفِرادِ؛ لأنَّ قَبولَ شَهادَتِهنَّ بانفِرادِهنَّ في أُصولِ الشَّرعِ للضَّرورةِ، وهي ضَرورةُ عَدمِ اطِّلاعِ الرِّجالِ على المَشهودِ به، فإذا جازَ الاطِّلاعُ عليه في الجُملةِ لم تَتحقَّقِ الضَّرورةُ.

فإذا شهِدوا بذلك فُرِّقَ بينَهما؛ فإنْ كانَ قبلَ الدُّخولِ فلا مَهرَ لها، وإنْ كانَ بعدَه فلها الأقَلُّ من المُسمَّى ومن مَهرِ المِثلِ، وليسَ لها في العِدةِ نَفقةٌ ولا سُكنى.

فإنْ شهِدَت امرَأةٌ على الرَّضاعِ فالأفضَلُ للزَّوجِ أنْ يُفارِقَها؛ لحَديثِ عُقبةَ بنِ الحارِثِ، قالَ: تَزوَّجتُ امرأةً، فجاءَتنا امرَأةٌ سَوداءُ، فقالَت:

<<  <  ج: ص:  >  >>