للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلهذا لا تُقبلُ شَهادتُهم على المُسلِمينَ، وأمَّا المُرتدُّ فلا وِلايةَ له على أحَدٍ.

قالَ السَّرخَسيُّ : ومِن أَصحابِنا مَنْ يَقولُ: في قَبولِ شَهادةِ بعضِهم على بعضٍ ضَرورةٌ، ولأنَّ المُسلِمينَ قَلَّما يَحضُرونَ مُعامَلاتِ أهلِ الذِّمةِ -خُصوصًا الأَنكِحةَ والوَصايا-، فلو لم تَجزْ شَهادةُ بَعضِهم على بَعضٍ في ذلك أدَّى إلى إِبطالِ حُقوقِهم، وقد أُمِرنا بمُراعاةِ حُقوقِهم ودَفعِ ظُلمِ بعضِهم عن بعضٍ؛ فلهذه الضَّرورةِ قبِلْنا شَهادةَ بعضِهم على بعضٍ كما قبِلنا شَهادةَ النِّساءِ فيما لا يَطَّلِعُ عليه الرِّجالُ، ولا تَتحقَّقُ هذه الضَّرورةُ في شَهادَتِهم على المُسلِمينَ ولا في شَهادتِهم على شَهادةِ المُسلمِ أو على قَضاءِ قاضٍ مُسلمٍ (١).

وقالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ : وقد استدَلَّ مَنْ جوَّزَ شَهادةَ أهلِ الذِّمةِ بعضِهم على بعضٍ بهذه الآيةِ التى في سُورةِ المائِدةِ، وهي قَولُه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾ [المائدة: ١٠٦] الآيةَ، ثم قالَ مَنْ أخَذَ بظاهِرِ هذه الآيةِ من أهلِ الكُوفةِ: دَلَّت هذه الآيةُ على قَبولِ شَهادةِ أهلِ الذِّمةِ على المُسلِمينَ، فيَكونُ في ذلك تَنبيهٌ ودِلالةٌ على قَبولِ شَهادةِ بعضِهم على بعضٍ


(١) «المبسوط» (١٦/ ١٣٥، ١٣٦)، و «أحكام القرآن» (٤/ ١٦٣)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٨٠، ٢٨١)، و «الهداية» (٣/ ١٢٤)، و «شرح فتح القدير» (٧/ ٤١٦)، و «الاختيار» (٢/ ١٧٩)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ١٦٨)، و «اللباب» (٢/ ٤٥٨)، و «العناية» (١٠/ ٤٥٤)، و «المغني» (١٠/ ١٨١)، و «المحرر في الفقه» (٢/ ٢٨١)، و «المبدع» (١٠/ ٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>