للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ بَدرُ الدِّينِ العينيُّ : ولا عُقوبةَ عليه بعدَ التوبةِ، يعني: يَسقطُ عنه ما أصابَ مِنْ الذُّنوبِ الذي لا حَدَّ له، وليسَ للإمامِ الاعتِراضُ عليهِ، بل يُؤكِّدُ بَصيرتَه في التوبةِ ويأمرُه بها ليَنتشرَ ذلكَ فيَتوبَ المُذنبُ (١).

وهذا إذا كانَتِ المَعصيةُ في حُقوقِ اللهِ، أما في حُقوقِ العَبدِ فلا يَجوزُ إلا بإسقاطِ مَنْ له الحَقُّ.

قالَ المالِكيةُ: التعزيرُ المُتمحِّضُ لحَقِّ اللهِ تعالَى يَسقطُ عن مُستحِقِّه إذا جاءَ تائبًا، بخِلافِ التعزيرِ لحَقِّ الآدَميِّ؛ فإنه لا يَسقطُ بذلكَ إلا إذا عَفى صاحِبُ الحقِّ عنه (٢).

وقالَ الحَنابلةُ: للإمامِ إقامةُ التَّعزيرِ إذا رآهُ، وله تَركُه إنْ جاءَ تائبًا مُعتَرِفًا يَظهرُ منه النَّدمُ والإقلاعُ؛ لِما رَوى ابن مَسعودٍ : «أنَّ رَجلًا أتَى النبيَّ فقالَ: إني لَقيتُ امرأةً فأصَبتُ منها ما دونَ أنْ أطَأَها، فقالَ: أصَلَّيتَ معَنا؟ قالَ نعمْ، فتَلا عليهِ: ﴿إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ﴾ [هود: ١١٤]» (٣).

وإنْ كانَ لحَقِّ آدَميٍّ فطَلبَه لَزمَه إجابتُه، ولا يَسقطُ إلا بعَفوِ صاحبِ الحَقِّ (٤).


(١) «عمدة القاري» (٢٣/ ٢٩٦).
(٢) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٣٧٠).
(٣) رواه البخاري (٥٢٦)، ومسلم (٢٧٦٣).
(٤) «كشاف القناع» (٦/ ١٥٨)، و «منار السبيل» (٣/ ٣٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>