للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنْ يَجلسَ، فَجاءَهُ عَرَقانِ فيهما طَعامٌ، فأمَرَهُ رسولُ اللهِ أنْ يَتصدَّقَ بهِ» (١).

وقالَ الإمامُ البُخاريُّ : بَاب مَنْ أصابَ ذَنبًا دونَ الحَدِّ فأخبَرَ الإمامَ فلا عُقوبةَ عليه بعدَ التوبةِ إذا جاءَ مُستفتِيًا، قالَ عطاءٌ: لمْ يُعاقِبْه النبيُّ ، وقالَ ابنُ جُريجٍ: ولم يُعاقِبِ الذي جامَعَ في رَمضانَ، ولم يُعاقِبْ عُمرُ صاحِبَ الظَّبيِ، وفيه عن أبي عُثمانَ عن ابنِ مَسعودٍ عن النبيِّ (٢).

قالَ الإمامُ ابنُ بطَّالٍ : أجمَعَ العُلماءُ أنه مَنْ أصابَ ذنبًا فيه حَدٌّ أنه لا تَرفعُه التوبةُ، ولا يَجوزُ للإمامِ العفوُ عنه إذا بلَغَه، ومِن التوبةِ عندَهم أنْ يطهرَ ويكفرَ بالحدِّ، إلا الشافِعيَّ ذكَرَ عنه ابنُ المُنذِرِ أنه قالَ: إذا تابَ قبلَ أنْ يُقامَ عليهِ الحَدُّ سقَطَ عنه.

فأما مَنْ أصابَ ذَنبًا دونَ الحدِّ ثم جاءَ تائبًا فتَوبتُه تُسقطُ عنه العُقوبةَ، وليسَ للسُّلطانِ الاعتِراضُ عليه، بل يُؤكِّدُ بصيرتَه في التوبةِ ويأمرُه بها ليَنتشرَ ذلكَ فيَتوبَ المُذنبُ، ألَا ترَى أنَّ النبيَّ لمَّا فَهِمَ من المُواقِعِ أهلَه في رَمضانَ الندمَ على فِعلِه مِنْ صُورةِ فزَعِه وقولِه: «احتَرقْتُ» لم يُعاقِبْه النبيُّ ولا أنَّبَه، بل أعطاهُ ما يُكفِّرُ به، وأما حَديثُ أبي عُثمانَ عن ابنِ مَسعودٍ الذي أشارَ إليه البُخاريُّ ولم يَذكرْه فهو أبيَنُ شيءٍ في هذا البابِ (٣).


(١) رواه مسلم (١١١٢).
(٢) «صحيح البخاري» (٦/ ٢٥٠٠).
(٣) «شرح صحيح البخاري» (٨/ ٤٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>