للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ قالَ الحطَّابُ : وقالَ البُرزليُّ: أجازَ بعضُ أئمَّتِنا أكْلَ القليلِ مِنْ جَوزةِ الطِّيبِ لتَسخينِ الدِّماغِ، واشتَرطَ بعضُهم أنْ تُخلطَ مع الأدويةِ، والصَّوابُ العُمومُ. انتَهى …

(فَرعٌ): مُقتضَى ما تقدَّمَ جَوازُ بيعِ هذه الأشياءِ مِنْ الأفيونِ والبنجِ والجَوزةِ ونحوِها، ولم أَرَ فيه نصًّا صَريحًا، والظاهرُ أنْ يُقالَ في ذلكَ كما قالَ ابنُ رُشدٍ في المِذْرِ على القَولِ بحُرمةِ أكلِه: إنْ كانَ فيه مَنفعةٌ غيرُ الأكلِ جازَ بيعُه ممَّن يَصرفُه في غيرِ الأكلِ ويُؤمَنُ أنْ يَبيعَه ممَّن يأكلُه، وكذلكُ يُقالُ في هذهِ الأشياءِ وفي سائرِ المَعاجينِ المُغيِّبةِ للعَقلِ: يَجوزُ بيعُ ذلكَ لمَن لا يَستعملُ منه القَدرَ المُغيِّبَ للعَقلِ ويُؤمَنُ أنْ يَبيعَه ممَّن يَستعملُ ذلكَ، واللهُ أعلَمُ (١).

وقالَ العَدويُّ : قالَ البُرزليُّ: ومِن هُنا أجازَ بعضُ أئمَّتِنا أكْلَ يَسيرِ جَوزةِ الطيبِ لتَسخينِ الدِّماغِ، واشتَرطَ بعضُهم خلْطَها بالأدويةِ لا وحْدَها، والصَّوابُ العُمومُ كما قالَ الأولُ. اه

ويَجوزُ أنْ يَتناولَ مِنْ الأفيونِ والبَنجِ والسَّيكرانِ ما لا يَصلُ إلى التأثيرِ في العَقلِ والحواسِّ. اه

وحِينئذٍ فيَجوزُ لمَن ابتُليَ بأكلِ الأفيونِ ويَخافُ مِنْ تَركِه على نفسِه الموتَ استِعمالُ القَليلِ غيرِ المؤثِّرِ في عَقلِه أو حواسِّه، ويسعَى في تَقليلِه وقَطعِه جهْدَه، ويَجبُ عليه التوبةُ والنَّدمُ على ما مَضَى (٢).


(١) «مواهب الجليل» (١/ ١٥١، ١٥٢).
(٢) «حاشية العدوي على شرح مختصر خليل» (١/ ٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>