ثبَتَ أنَّ هذهِ كلَّها مُسكِرةٌ أو مخدِّرةٌ فاستِعمالُها كَبيرةٌ وفِسقٌ كالخَمرِ، فكُلُّ ما جاءَ في وَعيدِ شاربِها يأتي في مُستعملِ شَيءٍ مِنْ هذهِ المَذكوراتِ؛ لاشتِراكِهما في إزالةِ العَقلِ المَقصودِ للشارعِ بقاؤُه؛ لأنه الآلةُ للفَهمِ عن اللهِ تَعالى وعن رَسولِه، والمُتميِّزُ به الإنسانُ عن الحَيوانِ، والوَسيلةُ إلى إيثارِ الكَمالاتِ عن النَّقائصِ، فكانَ في تَعاطِي ما يُزيلُه وَعيدُ الخَمرِ الآتِي في بابِها، وقد ألَّفتُ كِتابًا سَميتهُ «تَحذِير الثِّقَات عن استِعمالِ الكُفتَةِ والقَاتِ» لمَّا اختَلفَ أهلُ اليَمنِ فيه وأرسَلُوا إليَّ ثَلاثِ مُصنَّفاتٍ اثنانِ في تَحريمِه وواحدٌ في حِلِّه، وطَلَبوا منِّي إبانةَ الحَقِّ فيهِما، فألَّفتُ ذلكَ الكتابَ في التَّحذيرِ عنهُما وإنْ لم أَجزِمْ بحُرمتِهما، واستَطردتُ فيه إلى ذِكرِ بقيَّةِ المُسكِراتِ والمُخدِّراتِ الجامِدةِ، وبَسطتُ في ذلكَ بعضَ البَسطِ.
ولا بُدَّ مِنْ ذِكرِ خُلاصةِ ذلكَ هُنا فنَقولُ: الأصلُ في تَحريمِ كلِّ ذلكَ ما رواهُ أحمَدُ في مُسنَدِه وأبو داودَ في سُننِه: «نهَى رَسولُ اللهِ ﷺ عَنْ كلِّ مُسكِرٍ ومُفتِّرٍ»(١).
قالَ العُلماءُ: المُفترُ: كلُّ ما يُورثُ الفُتورَ والخَدَرَ في الأطرافِ، وهذهِ المَذكوراتُ كلُّها تُسكرُ وتُخدِّرُ وتُفترُ.