[النور: ٢]، وهذا عامٌّ في التائِبينَ وغيرِهم، وقالَ تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: ٣٨]، ولأنَّ النبيَّ ﷺ رجَمَ ماعِزًا والغامِديةَ، وقطَعَ الذي أقَرَّ بالسرقةِ، وقد جاؤُوا تائبِينَ يَطلبونَ التَّطهيرَ بإقامةِ الحَدِّ، وقد سَمَّى رَسولُ اللهِ ﷺ فِعلَهم تَوبةً، فقالَ في حَقِّ المَرأةِ، «لقَدْ تابَتْ تَوبةً لو قُسِمتْ على سِبعينَ مِنْ أهلِ المَدينةِ لَوَسعَتْهم».
وجاءَ عَمرُو بنُ سَمُرةَ إلى النبيِّ ﷺ فقالَ: «يا رَسولِ اللهِ إني سَرَقتُ جَملًا لبَني فُلانٍ فطَهِّرنِي» (١).
وقد أقامَ رَسولُ اللهِ ﷺ الحَدَّ عليهِم، ولأنَّ الحَدَّ كفَّارةٌ، فلمْ يَسقطْ بالتَّوبةِ ككفَّارةِ اليَمينِ والقَتلِ، ولأنه مَقدورٌ عليهِ، فلمْ يَسقطْ عنهُ الحَدُّ بالتوبةِ كالمُحارِبِ بعدَ القُدرةِ عليه.
فإنْ قُلنا بسُقوطِ الحَدِّ بالتوبةِ فهل يَسقطُ بمُجرَّدِ التوبةِ؟ أو بها مع إصلاحِ العَملِ؟ فيه وَجهانِ:
أحَدُهما: يَسقطُ بمُجرَّدِها، وهو ظاهِرُ قولِ أصحابِنا؛ لأنها تَوبةٌ مُسقِطةٌ للحَدِّ، فأشبَهَتْ تَوبةَ المُحارِبِ قبلَ القُدرةِ عليه.
والثَّاني: يُعتبَرُ إصلاحُ العَملِ؛ لقولِ اللهِ تعالى: ﴿فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا﴾ [النساء: ١٦]، وقالَ: ﴿فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ﴾ [المائدة ٣٩]، فعَلى هذا القولِ يُعتبَرُ مُضيُّ مُدةٍ يُعلَمُ بها صِدقُ تَوبتِه وصَلاحُ نيَّتِه، وليسَتْ مُقدَّرةً بمُدةٍ مَعلومةٍ، وقالَ بعضُ
(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه ابن ماجه (٢٥٥٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute