للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو وَضعَ مَتاعَه أو ثوبَه بقُربِه في الصَّحراءِ أو المَسجدِ فإنْ نامَ أو ولَّاهُ ظَهرَه أو ذَهلَ عنه بشَاغلٍ لم يكنْ مُحرزًا، وإنْ كانَ مُتيقِّظًا يُلاحظُه فتَغفَّلَه السارقُ وأخَذَ المالَ قُطعَ على الصَّحيحِ، وهل يُشترطُ أنْ لا يكونَ في المَوضعِ زَحمةُ الطارِقينَ؟ وَجهانِ:

أحَدُهما: لا، وتكفِي المُلاحَظةُ، لكنْ لا بُدَّ بسَببِ الزَّحمةِ مِنْ مَزيدِ مُراقَبةٍ وتَحفُّظٍ.

وأصَحُّهما: نعمْ، وتُخرجُه الزَّحمةُ عن كَونِه مُحرزًا، وأُجريَ الوَجهانِ في الخبَّازِ والبزَّازِ وغيرِهما إذا كَثُرَتِ الزحمةُ على حانوتِه.

قالَ الإمامُ: ولو وَضعَ المَتاعَ في شارعٍ ولاحَظَه جَمعٌ صارَ عَددُ اللاحِظينَ في مُعارَضةِ عَددِ الطارِقينَ كلاحِظٍ في الصَّحراءِ في مُعارَضةِ طارقٍ، ويُشترطُ كَونُ المُلاحِظِ بحَيثُ يَقدرُ على المَنعِ لو اطَّلعَ على سارقٍ إمَّا بنَفسِه وإما بالاستغاثةِ، فإنْ كانَ ضَعيفًا لا يُبالي به السارقُ والمَوضعُ بَعيدٌ عن الغَوثِ فليسَ بحِرزٍ، بلِ الشخصُ شائعٌ مع مالِه، ويَنبغي أنْ لا يُفرَّقَ بينَ كونِ الصحراءِ مَواتًا أو غيرَه.

واعلَمْ أنَّ الرُّكنَ الأولَ في كَونِه مُحرزًا المُلاحَظةُ، فلا تكفِي حَصانةُ المَوضعِ على أصلِ المُلاحَظةِ، حتَّى إنَّ الدارَ المُتفرِّدةَ في طَرفِ البلدِ لا تكونُ حِرزًا وإنْ تَناهَتْ في الحَصانةِ، وكذا القَلعةُ المُحكَمةُ؛ لأنه إذا لم يَكنِ المَوضعُ على أصلِ المُلاحظةِ، حتَّى إنَّ الدارَ المُنفرِدةَ في طَرفِ البلدِ لا تكونُ خَطرًا، لكن لا يُحتاجُ مع الحَصانةِ إلى دَوامِ المُلاحظةِ، بخِلافِ ما ذكَرْنا في الصَّحراءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>