وقالَ الشافِعيةُ: يَختلفُ الحِرزُ باختلافِ الأحوالِ والأموالِ، والتَّعويلُ في صِيانةِ المالِ وإحرازِه على شَيئينِ:
أحَدُهما: المُلاحَظةُ والمُراقَبةُ.
والثاني: حَصانةُ المَوضعِ ووَثاقتُه، فإنْ لم يَكنْ للمَوضعِ حَصانةٌ كالمَوضوعِ في صَحراءَ أو مَسجدٍ أو شارعٍ اشتُرطَ مُداوَمةُ اللِّحَاظِ، وإنْ كانَ له حَصانةٌ وانضَمَّ إليها اللِّحاظُ المُعتادُ كَفى ولم تُشترطْ مُداوَمتُه، ويَحكمُ في ذلكَ العُرفُ، تَفصيلُه بمَسائلَ:
إحْدَاها: الإصطَبلُ حِرزُ الدَّوابِّ مع نَفاستِها وكَثرةِ قِيمتِها، وليسَ حِرزًا للثِّيابِ والنُّقودِ، والصُّفَّةُ -هي شَيءٌ كالظُّلةِ قُدَّامَه- في الدارِ وعَرصتِها حِرزانِ للأواني وثِيابِ البِذْلةِ دونَ الحُليِّ والنُّقودِ؛ لأنَّ العادةَ فيها الإحرازُ في المَخازنِ، وكذا الثِّيابُ النَّفيسةُ تُحرَزُ في الدُّورِ وفي بُيوتِ الحاناتِ وفي الأسواقِ المَنيعةِ، والمِتْبَنُ حرزٌ للتِّبنِ دونَ الأواني والفُرشِ.
الثانيةُ: إذا نامَ في صَحراءَ أو مَسجدٍ أو شارعٍ على ثَوبِه أو تَوسَّدَ عَيبتَه أو مَتاعَه أو اتَّكأَ عليهِ فسُرقَ الثَّوبُ مِنْ تَحتِه أو العَيبةُ أو أخِذَ المِنديلُ مِنْ رَأسِه أو المَداسُ مِنْ رِجلِه أو الخاتَمُ مِنْ أصبُعِه وجَبَ القَطعُ؛ لأنه مُحرزٌ به، ولو زالَ رأسُه عمَّا تَوسَّدَه أو انقَلبَ في النومِ عنِ الثَّوبِ وخلَّاهُ فلا قطْعَ بسَرقتِه.
ولو رفَعَ السارقُ النائمَ عن الثوبِ أولًا ثمَّ أخَذَه فلا قطْعَ.