للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقدَّمَ الشارحُ في بابِ حدِّ القذفِ: ولا رُجوعَ بعدَ إقرارٍ ولا اعتياضَ -أي: أخذ عِوضٍ- ولا صُلحَ ولا عفْوَ فيهِ وعنهُ (١).

وقالَ الإمامُ الكاسانِيُّ : حدُّ القذفِ إذا ثبَتَ بالحُجةِ فكذلكَ عندَنا لا يَجوزُ العفوُ عنه والإبراءُ والصلحُ.

وكذلكَ إذا عفَا المَقذوفُ قبْلَ المُرافَعةِ أو صالَحَ على مالٍ فذلكَ باطِلٌ، ويُرَدُّ بدلُ الصُّلحِ، وله أنْ يُطالبَه بعدَ ذلكَ.

وعندَ الشافِعيِّ : يَصحُّ ذلكَ كلُّه، وهو إحدَى الروايتَينِ عن أبي يُوسفَ (٢).

وقالَ في اللِّعانِ: ومنها أنه-أي اللعانُ- لا يَحتملُ العفوَ والإبراءَ والصُّلحَ؛ لأنه في جانِبِ الزوجِ قائمٌ مَقامَ حدِّ القذفِ، وفي جانبِها قائمٌ مَقامَ حدِّ الزنا، وكلُّ واحدٍ منهُما لا يَحتملُ العفوَ والإبراءَ والصلحَ؛ لِمَا نَذكرُ إنْ شاءَ اللهُ تعالَى في الحُدودِ.

وكذا لو عَفَتْ عنه قبْلَ المُرافَعةِ أو صالحَتْه على مالٍ لم يَصحَّ، وعليها رَدُّ بَدلِ الصُّلحِ، ولها أنْ تُطالبَه باللِّعانِ بعدَ ذلكَ كما في قَذفِ الأجنبيِّ (٣).

وجاءَ في «فَتاوَى قاضِيخانْ»: رَجلٌ قذَفَ مُحصنًا أو مُحصنةً فأرادَ المَقذوفُ حَدَّ القذفِ فصالَحَه القاذفُ على دَارهِمَ مسمَّاةٍ أو على شيءٍ آخَرَ


(١) «حاشية ابن عابدين» (٨/ ٢٢١).
(٢) «بدائع الصنائع» (٧/ ٥٦).
(٣) «بدائع الصنائع» (٣/ ٢٣٩)، ويُنظَر: «البحر الرائق» (٤/ ١٢٢)، و «الفتاوى الهندية» (١/ ٥١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>