للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا بُدَّ أنْ يَشهدُوا في وَقتٍ واحدٍ بزنًا واحدٍ برُؤيةٍ واحدةٍ، وأنه أدخَلَ فرْجَه في فَرجِ المَرأةِ كالمِرودِ في المكحلةِ في البِكرِ والثَّيبِ، وهذا لا خِلافَ فيه، ولا يَكفي أنْ يقولُوا: «نَشهدُ أنَّ فُلانًا زنَى بفُلانةَ»، وإنما اشتُرطَ ذلكَ لأنَّ مدارَ الشرعِ على الستْرِ، فضُيِّقَ الأمرُ فيه حتَّى لا يُوجَد على هذا النَّمطِ إلا القَليلُ جِدًّا.

ويَجوزُ لكلِّ واحِدٍ مِنْ شُهودِ الزنا أنْ يَنظُرَ للعَورةِ قَصدًا؛ ليَعلمَ كيفَ يُؤدِّي الشهادةَ.

ويُستحَبُّ للحاكِمِ أنْ يَسألَ شُهودَ الزِّنا: كيفَ رَأيتمُوهُ يَفعلُ بها؟ وهل كانَتْ على ظَهرِها أو على بَطنِها أو غيرَ ذلكَ؟ وهل كانَ ذكَرَه في فَرجِها كالمِرودِ في المكحلةِ أم لا؟ إلى غيرِ ذلكَ، فإنِ اختَلفُوا فيما ذُكرَ بطَلَتْ شَهادتُهم، قالَ ابنُ عُرفةَ : وحُدُّوا، وإنْ كانَ السُّؤالُ مَندوبًا (١).

وقالَ الشافِعيةُ: فأمَّا صِفةُ الشهادةِ فلا يُجزِئُ أنْ يقولَ الشُّهودُ: «رَأيْناهُ يَزنِي» حتَّى يَصِفُوا ما شاهَدُوه مِنْ الزنا، وهو أنْ يَقولُوا: «رَأيْنا ذكَرَه يَدخلُ في فَرجِها كدُخولِ المِرودِ في المكحلةِ»؛ لثلاثةِ أمورٍ:

أحَدُها: أنَّ النبيَّ تَثبَّتَ ماعِزًا في إقرارِه فقالَ: «أدخَلْتَ ذلكَ منكَ في ذلكَ منها كدُخولِ المِرودِ في المكحلةِ والرِّشا في البئرِ؟ فقالَ: نعَمْ، فأمَرَ برَجمِه»، فلمَّا استَثبتَه في الإقرارِ كانَ أَولى أنْ يُستثبَتَ في الشهادةِ.


(١) «شرح مختصر خليل» (٧/ ١٩٨، ٢٠٠)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ٢٠٦)، و «تحبير المختصر» (٥/ ١٤١، ١٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>