وروَى مَعمرٌ بإسنادِه «أنَّ عُمرَ أُتِيَ برَجلٍ فقيلَ: إنهُ سارِقٌ، فقالَ عمرُ: إني لَأرَى يَدَ رَجلٍ ما هي بيَدِ سارقٍ، فقالَ الرَّجلُ: واللهِ ما أنا بسارِقٍ، فخَلَّى سبيلَه».
وعن الشَّعبيِّ قالَ: أُتيَ عليٌّ بامرأةٍ يُقالُ لها شُراحةُ وهي حُبلَى مِنْ الزِّنا، فقالَ: وَيحكِ لَعلَّ رَجلًا استَكرهَكِ، قالَتْ: لا، قالَ: لعلَّ وقَعَ عليكِ وأنتِ نائمةٌ، قالَتْ: لا، قالَ: فلَعلَّ زوْجَكِ مِنْ عدِّوِنا، يعني أهلَ الشَّامِ، فأنتِ تَكرهِينَ أنْ تَدلِّي عليهِ، قالَتْ: لا، فجعَلَ يُلقِّنُها هذا وأشباهَهُ وتَقولُ: لا، فرجَمَها».
وعن أبي مَسعودٍ أُتِيَ بِسارقٍ سرَقَ بَعيرًا فقالَ: هل وجَدْتَه؟ قالَ: نعَمْ، فخَلَّى سَبيلَه.
قالَ المُهلَّبُ: فهذا وَجهُ التلقينِ بالتَّعريضِ لمَن يَعرفُ الحَدَّ وما يَلزمُه فيهِ، وأمَّا تَلقينُ الجاهِلِ ومَن لا يَعرفُ الكَلامُ فهو تَصريحٌ، وروَى ابنُ جُريجٍ عن عطاءٍ قالَ: كانَ بعضُهم يُؤتَى بالسارقِ فيَقولُ: أسرَقْتَ؟ قلْ: لا، أسرَقْتَ؟ قلْ: لا، وعِلمِي أنه سمَّى أبا بكرٍ وعمرَ.
وروَى شُعبةُ عن أبي الدَّرداءِ أنه أُتِيَ بجاريةٍ سَوداءَ سَرقَتْ، فقالَ لها: أسرَقْتِ يا سلامةُ؟ قولِي: لا، قالَتْ: لا، فخلَّى سبيلَها، فقُلتُ: أنتَ تُلقِّنُها؟ قالَ أبو الدَّرداءِ: إنها اعتَرفَتْ وهي لا تَدرِي ما يُرادُ بها.
وقالَ الأعمَشُ: كانَ إبراهِيمُ يَأمرُ بطَرحِ المُعتَرِفينَ، وكانَ أحمدُ وإسحاقُ يَرَيانِ تلقينَ السارقِ إذا أُتي به، وكذلكَ قالَ أبو ثَورٍ إذا كانَ السارقُ امرَأةً أو لا يَدرِي ما يُصنَعُ به أو ما يَقولُ.