ولم تَجِئْ عنه لَعنةُ الزاني ثلاثَ مرَّاتٍ في حَديثِ واحدٍ، وقد لعَنَ جَماعةً مِنْ أهلِ الكَبائرِ فلمْ يَتجاوزْ بهِم في اللَّعنةِ مرَّةً واحدةً، وكرَّرَ لعْنَ اللُّوطيةِ فأكَّدَه ثَلاثَ مرَّاتٍ.
وأطبَقَ أصحابُ رَسولِ اللهِ ﷺ على قَتلِه لم يَختلفْ فيه منهُم رَجلانِ، وإنما اختَلفَتْ أقوالُهم في صِفةِ قَتلِه، فظَنَّ بعضُ الناسِ أنَّ ذلكَ اختلافٌ منهُم في قتلِه، فحَكَاها مَسألةَ نِزاعٍ بينَ الصَّحابةِ وهي بينَهُم مَسألةُ إجماعٍ، لا مَسألةُ نِزاعٍ.
قالوا: ومَن تأمَّلَ قولَه سُبحانَه: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (٣٢)﴾ [الإسراء: ٣٢]، وقولَه في اللِّواطِ: ﴿أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (٨٠)﴾ [الأعراف: ٨٠] تَبيَّنَ له تَفاوُتُ ما بينَهُما؛ فإنه سُبحانَه نكَّرَ الفاحِشةَ في الزِّنى، أي: هو فاحِشةٌ مِنْ الفَواحشِ، وعرَّفَها في اللِّواطِ، وذلكَ يُفيدُ أنه جامعٌ لمَعاني اسمِ الفاحِشةِ، كما تَقولُ:«زَيدٌ الرَّجلُ، ونِعمَ الرَّجلُ زَيدٌ»، أي: أتَأتونَ الخَصلةَ التي استَقرَّ فُحشُها عندَ كلِّ أحَدٍ؟ فهي لظُهورِ فُحشِها وكَمالِه غَنيَّةٌ عن ذِكرِها بحَيثُ لا يَنصرفُ الاسمُ إلى غيرِها، وهذا نَظيرُ قَولِ فِرعونَ لمُوسى: ﴿وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ﴾ [الشعراء: ١٩] أي: الفَعلةَ الشَّنعاءَ الظاهِرةَ المَعلومةَ لكُلِّ أحَدٍ.