فذهَبَ أبو بَكرٍ الصِّديقُ وعليُّ بنُ أبي طالِبٍ وخالدُ بنُ الوليدِ وعبدُ اللهِ بنُ الزُّبيرِ وعبدُ اللهِ بنُ عباسٍ وجابرُ بنُ زيدٍ وعُبيدُ اللهِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ مَعمرٍ والزُّهريُّ ورَبيعةُ بنُ أبي عبدِ الرَّحمنِ ومالكٌ وإسحاقُ بنُ راهَويهِ والإمامُ أحمَدُ في أصَحِّ الروايتَينِ عنه والشافعيُّ في أحَدِ قولَيهِ إلى أنَّ عُقوبتَه أغلَظُ مِنْ عُقوبةِ الزِّنا، وعُقوبتُه القتلُ على كلِّ حالٍ مُحصَنًا كانَ أو غيرَ مُحصنٍ.
وذهَبَ عطاءُ بنُ أبي رَباحٍ والحَسنُ البَصريُّ وسَعيدُ بنُ المُسيِّبِ وإبراهيمُ النخَعيُّ وقَتادةُ والأوزاعيُّ والشافعيُّ في ظاهِرِ مَذهبِه والإمامُ أحمَدُ في الرِّوايةِ الثانيةِ عنه وأبو يُوسفَ ومُحمدٌ إلى أنَّ عُقوبتَه وعُقوبةَ الزاني سَواءٌ.
وذهَبَ الحَكمُ وأبو حَنيفةَ إلى أنَّ عُقوبتَه دونَ عُقوبةِ الزِّاني، وهي التَّعزيرُ.
قالوا: لأنه مَعصيةٌ مِنْ المَعاصي لم يُقدِّرِ اللهُ ولا رَسولُه فيه حَدًّا مُقدَّرًا، فكانَ فيه التَّعزيرُ كأكلِ المَيتةِ والدمِ ولَحمِ الخِنزيرِ.
قالوا: ولأنه وَطءٌ في مَحلٍّ لا تَشتهيهِ الطِّباعُ، بل ركَّبَها اللهُ تعالى على النَّفرةِ منه حتى الحَيوانُ البَهيمُ، فلم يَكنْ فيه حَدٌّ كوَطءِ الحِمارِ وغيرِه.
قالوا: ولأنه لا يُسمَّى زانِيًا لُغةً ولا شَرعًا ولا عُرفًا، فلا يَدخلُ في النُّصوصِ الدالَّةِ على حَدِّ الزانيَينِ.
قالوا: ولأنَّا رَأَينا قَواعدَ الشريعةِ أنَّ المَعصيةَ إذا كانَ الوازعُ عنها طَبعيًّا اكتُفيَ بذلكَ الوازِعِ مِنْ الحَدِّ، وإذا كانَ في الطِّباعِ تَقاضِيها جُعلُ فيها الحَدُّ