ومَحلُّ الخِلافِ عندَ الشافِعيةِ إذا كان الطريقُ آمنًا، وإلا فلا تُغرَّبُ وحْدَها جَزمًا (١).
وقالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: ويَخرجُ مع المَرأةِ مَحرمُها حتَّى يُسكنَها في مَوضعٍ، ثمَّ إنْ شاءَ رجَعَ إذا أَمِنَ عليها، وإنْ شاءَ أقامَ معَها حتَّى يَكملَ حَولُها، وإنْ أبَى الخُروجَ معَها بذَلَتْ له الأجرةَ، قالَ أصحابُنا: وتَبذلُ مِنْ مالِها؛ لأنَّ هذا مِنْ مُؤنةِ سفَرِها.
ويَحتملُ أنْ لا يَجبَ ذلكَ عليها؛ لأنَّ الواجِبَ عليها التَّغريبُ بنفسِها، فلمْ يَلزمْها زِيادةٌ عليهِ كالرَّجلِ، ولأنَّ هذا مِنْ مُؤنةِ إقامةِ الحَدِّ، فلمْ يَلزمْها كأُجرةِ الجلَّادِ، فعَلى هذا تُبذَلُ الأجرةُ مِنْ بيتِ المالِ، وعلى قولِ أصحابِنا: إنْ لم يكنْ لها مالٌ بُذلَتْ مِنْ بَيتِ المالِ، فإنْ أبَى مَحرمُها الخُروجَ معَها لم يُجبَرْ، وإنْ لم يَكنْ لها مَحرمٌ غُرِّبتْ مع نِساءٍ ثِقاتٍ.
والقَولُ في أجرةِ مَنْ يُسافِرُ معَها مِنهنَّ كالقَولِ في أجرةِ المَحرمِ، فإنْ أَعوزَ فقدْ قالَ أحمَدُ: تبقَى بغيرِ مَحرمٍ، وهو قولُ الشافعيِّ؛ لأنه لا سَبيلَ إلى تَأخيرِه، فأشبَهَ سفَرَ الهِجرةِ والحَجِّ إذا ماتَ مَحرمُها في الطريقِ، ويَحتملُ أنْ
(١) «البيان» (١٢/ ٣٥٥، ٣٥٦)، و «شرح صحيح مسلم» (١١/ ١٨٩)، و «روضة الطالبين» (٦/ ٥١٥، ٥١٧)، و «مغني المحتاج» (٤٤٢، ٤٤٣).