للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسجَنُ الفتَى في المَوضعِ الذي يُنفَى إليه في قولِ مالِكٍ؟ (قالَ): نعمْ يُسجَنُ، ولولا أنه يُسجَنُ لَذهَبَ في البلادِ، (قالَ): وقالَ مالكٌ: لا يُنفَى إلا زانٍ أو مُحارِبٌ، ويُسجَنانِ جَميعًا في المَوضعِ الذي يُنفَيانِ إليه، يُحبسُ الزاني سَنةً والمُحارِبُ حتى تُعرَف له تَوبةٌ (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنه لا فرْقَ بينَ الذَّكرِ الحُرِّ والأنثَى في التَّغريبِ؛ لعُمومِ قولِ النبيِّ : «البِكرُ بالبِكرِ جَلدُ مِائةٍ وتَغريبُ عامٍ» (٢)، ولم يُفرِّقْ بينَ الرَّجلِ والمرأةِ، ولأنَّ ما كانَ حَدًّا للرَّجلِ كانَ حَدًّا للمَرأةِ كالجَلدِ والرَّجمِ.

ولا تُغرَّبُ المَرأةُ وحدَها في الأصَحِّ عندَ الشافِعيةِ والحَنابلةِ، بل مع ذِي مَحرمٍ؛ لخبَرِ: «لا يَحلُّ لامرأةٍ تُؤمنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ أنْ تُسافِرَ مَسيرةَ يومٍ إلا مع ذِي مَحرمٍ» (٣)، ولأنَّ الأصلَ تأديبُها، والزانيَةُ إذا خرَجَتْ وحْدَها هتَكَتْ جِلبابَ الحَياءِ، ولو لم يَخرُجِ الزوجُ أو المَحرمُ إلا بأُجرةٍ لَزمَها ذلكَ على الأصَحِّ عندَ الشافِعيةِ والحَنابلةِ إذا كانَ لها مالٌ، فإنِ امتَنعَ مِنْ الخُروجِ فلا يُجبَرُ؛ لأنَّ فيه تَغريبَ مَنْ لم يُذنِبْ، ولا يأثَمُ بامتِناعِه.


(١) «المدونة الكبرى» (١٦/ ٢٣٦، ٢٣٧)، و «شرح صحيح البخاري» (٨/ ٤٧٢)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ١٩٤، ١٩٥) رقم (١٥٥٠)، و «الذخيرة» (١٢/ ٨٨)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٣٣٢)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٣١٥)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٣٤٢).
(٢) رواه مسلم (١٦٩٠).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>