للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُنزلَ على مُحمدٍ »، قالَ الطبَريُّ: وليسَ ذلكَ عندي سواءً؛ وذلكَ أنَّ مَسألةَ الساحرِ عقْدَ السحرِ مَسألةٌ منه أنْ يَضرَّ مَنْ لا يَحلُّ ضَررُه، وذلكَ حَرامٌ مِنْ غيرِ حَصرِ مُعالجتِهم منها على صِفةٍ دونَ صِفةٍ، فسَواءٌ كانَ المُعالجُ مُسلمًا تقيًّا أو مُشركًا ساحرًا بعدَ أنْ يكونَ الذي يَتعالجُ به غيرَ محرمٍ، وقد أَذِنَ النبيُّ في التعالُجِ وأمَرَ به أمَّتَه فقالَ: «إنَّ اللهَ لم يُنزلْ داءً إلا وأنزَلَ له شِفاءً، وعَلِمَه مَنْ عَلِمَه وجَهِلَه مَنْ جَهِلَه»، فسَواءٌ كانَ عليمَ ذلكَ وحَلَّه عندَ ساحِرٍ أو غيرِ ساحرٍ، وأما معنَى نهيِه عن إتيانِ السَّحرةِ فإنما ذلكَ على التَّصديقِ لهُم فيما يَقولونَ على عِلمِ مَنْ أتاهُم بأنهُم سحَرةٌ أو كُهَّانٌ، فأما مَنْ أتاهُم لغيرِ ذلكَ وهو عالمٌ به وبحالِه فليسَ بمَنهيٍّ عنه عن إتيانِه (١).

وقالَ الإمامُ القُرطبيُّ : واختَلفُوا هل يُسألُ الساحِرُ حَلَّ السحرِ عن المَسحورِ؟ فأجازَه سَعيدُ بن المُسيبِ على ما ذكَرَه البخاريُّ، وإليه مالَ المُزَنِيُّ، وكَرهَه الحسنُ البصريُّ (٢).

وقالَ الإمامُ القَرافِيُّ : واختَلفَ السَّلفُ هل يَجوزُ أنْ يُسألَ الساحِرُ حَلَّ السحرِ عن المَسحورِ أم لا؟ فكَرهَ الحَسنُ البصريُّ ذلكَ؛ لأنه عَملُ سِحرٍ، وقالَ: لا يَعملُ ذلكَ إلا ساحِرٌ ولا يَجوزُ إتيانُ الساحِرِ؛ لِما رُويَ عن ابنِ مَسعودٍ: «مَنْ أتَى إلى كاهِنٍ أو ساحِرٍ فقدْ كفَرَ بما أُنزلَ على


(١) «شرح صحيح البخاري» (٩/ ٤٤٥).
(٢) «تفسير القرطبي» (٢/ ٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>