للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن بَجالةَ قالَ: «كنتُ كاتبًا لجَزءِ بنِ مُعاوِيةَ عَمِّ الأحنَفِ بنِ قَيسٍ فأتانا كِتابُ عُمرَ قبلَ مَوتِه بسَنةٍ: أنِ اقتلُوا كلَّ ساحرٍ وساحِرةٍ وفرِّقوا بينَ كلِّ ذِي مَحرَمٍ مِنْ المَجوسِ وانهَوْهُم عن الزَّمزمةِ، فقَتَلْنا ثَلاثَ سَواحِرَ وجعَلْنا نُفرِّقُ بينَ الرَّجلِ وبينَ حَريمَتِه في كِتابِ اللهِ» (١).

قالَ الإمامُ أبو بَكرٍ الجصَّاصُ : رَوى ابنُ شُجاعٍ عن الحَسنِ بنِ زِيادٍ عن أبي حَنيفةَ أنه قالَ في الساحِرِ: يُقتلُ إذا عُلِمَ أنه ساحرٌ ولا يُستتابُ ولا يُقبلُ قَولُه «إنِّي أترُكُ السِحرَ وأتوبُ منه»، فإذا أقَرَّ أنه ساحرٌ فقدْ حَلَّ دَمُه، وإنْ شَهدَ عليه شاهِدانِ أنه ساحِرٌ فوَصَفوا ذلكَ بصِفةٍ يُعلَمُ أنه سِحرٌ قُتلَ ولا يُستتابُ، وإنْ أقَرَّ فقالَ: «كنتُ أسحَرُ وقد تَركْتُ منذُ زمانٍ» قُبلَ منه ولم يُقتلْ، وكذلكَ لو شُهدَ عليه أنه كانَ مرَّةً ساحِرًا وأنه ترَكَ منذُ زمانٍ لم يُقتلْ، إلا أنْ يَشهَدوا أنه الساعةَ ساحِرٌ وأقَرَّ بذلكَ فيُقتلُ، وكذلكَ العَبدُ المُسلمُ والذِّميُّ والحُرُّ الذِّميُّ، مَنْ أقَرَّ منهُم أنه ساحِرٌ فقدْ حَلَّ دَمُه، فيُقتلُ ولا يُقبَلُ تَوبتُه، وكذلكَ لو شُهدَ على عَبدٍ أو ذِميٍّ أنه ساحِرٌ ووَصَفوا ذلكَ بصِفةٍ يُعلَمُ أنه سِحرٌ لم يُقبَلْ تَوبتُه ويُقتلُ، وإنْ أقَرَّ العبدُ أو الذِّميُّ أنه كانَ ساحِرًا وترَكَ ذلكَ منذُ زَمانٍ قُبلَ ذلكَ منه، وكذلكَ لو شَهِدوا عليه أنه كانَ مرَّةً ساحِرًا ولم يَشهَدوا أنه الساعَةَ ساحِرٌ لم يُقتلْ.

وأما المَرأةُ فإذا شَهِدوا عليها أنها ساحِرةٌ أو أقَرَّتْ بذلكَ لم تُقتلْ وحُبِستْ وضُرِبتْ حتى يُستيقَنَ لهم تَركُها للسِّحرِ، وكذلكَ الأمَةُ والذِّميةُ


(١) صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٠٤٣)، والإمام أحمد في «مسنده» (١٦٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>