الفقيرِ له عالِمًا به، وبتأمينِ المُعطِي، وبقولِه:«الحَرامُ أحَبُّ إليَّ» جوابًا لقولِ القائلِ له: «كُلْ مِنْ الحَلالِ»، لا بقولِه:«إني أحتاجُ إلى كَثرةِ المالِ والحَلالُ والحَرامِ عندي سَواءٌ»، ولا بقَولِه لحَرامٍ:«هذا حَلالٌ» مِنْ غيرِ أنْ يَعتقدَه، فلا يكفرُ السوقيُّ بقوله:«هذا حلالٌ» للحَرامِ تَرويجًا لشِرائِه.
والأصلُ أنَّ مَنْ اعتَقدَ الحَرامَ حَلالًا فإنْ كانَ حَرامًا لغيرِه كمالِ الغيرِ لا يَكفرُ، وإنْ كانَ لعَينِه فإنْ كانَ دَليلُه قَطعيًّا كفَرَ وإلا فلا، وقيل: التَّفصيلُ في العالِمِ، أمَّا الجاهلُ فلا يُفرِّقُ بينَ الحَلالِ والحَرامِ لعَينِه ولغَيرِه، وإنما الفَرقُ في حقِّه أنَّ ما كانَ قَطعيًّا كفَرَ به وإلا فلا، فيَكفرُ إذا قالَ:«الخَمرُ ليسَ بحرامٍ»، وقيَّدَه بعضُهم بما إذا كانَ يَعلمُ حُرمتَها، لا بقولِه:«الخَمرُ حَرامٌ ولكنْ ليسَتْ هذه التي تَزعمونَ أنها حرامٌ»، ويَكفرُ مَنْ قالَ:«إنَّ حُرمةَ الخَمرِ لم تَثبتْ بالقُرآنِ».
ومَن زعَمَ أنَّ الصغائرَ والكَبائرَ حَلالٌ وباستِحلالِه الجِماعَ للحائضِ لا في الاستبراءِ، وقيلَ: لا في الأولِ، وهو الصحيحُ، ولا باستِحلالِ سُؤرِ كَلبٍ أو رِيعِ أرضِ غَصبٍ، وباستِحلالِ اللِّواطةِ إنْ علِمَ حُرمتَه مِنْ الدِّينِ، وبقولِه:«هي لي حَلالٌ» حينَ نُهيَ عن تَقبيلِه أجنَبيةً، وبقولِه:«الشريعةُ كلُّها تَلبيسٌ أو حِيلٌ» إنْ قالَ: «في كُلِّ الشرائعِ»، لا فيما يَرجعُ إلى المُعامَلاتِ مما تَصحُّ فيه الحِيلُ الشرعيةُ، وقيلَ: يَكفرُ في الأولِ مُطلَقًا.
ويُخافُ عليه الكُفرُ إذا شتَمَ عالِمًا أو فَقيهًا مِنْ غيرِ سَببٍ، ويَكفرُ بقولِه لعالِمٍ:«ذكَرُ الحِمارِ في أُستِ عِلمِكَ» مُريدًا به عِلمَ الدِّينِ، وبجُلوسِه على مَكانٍ مُرتفعٍ والتَّشبهِ بالمُذَكِّرِينَ ومعه جَماعةٌ يَسألونَ منه المَسائلَ