قالَ الدُّسوقيُّ ﵀: قولُه: (ولو قبلَ الأربَعينَ): هذا هو المُعتمَدُ، وقيلَ: يُكرَهُ إخراجُه قبلَ الأربَعينَ (١).
وقالَ أبو العبَّاسِ أحمَدُ بنُ يَحيىَ الوَنشريسِيُّ ﵀: المَنصوصُ لأيِمَّتِنا رضوانُ اللهِ عليهِم المَنعُ مِنْ استِعمالِ ما يُبردُ الرَّحمَ ويَستخرجُ ما داخِلَ الرَّحمِ مِنْ المنيِّ، وعليهِ المُحصِّلونَ والنُّظارُ، قالَ القاضي أبو بَكرِ ابنُ العَربيِّ ﵀:«للوَلدِ ثلاثةُ أحوالٍ:
حالٌ قبلَ الوُجودِ يَنقطعُ فيها بالعَزلِ، و هو جائزٌ.
وحالةٌ بعدَ قبضِ الرَّحمِ على المنيِّ، فلا يَجوزُ لأحَدٍ حِينئذٍ التعرُّضُ له بالقَطعِ مِنْ التولُّدِ، كما يَفعلُه بعضُ سَفلةِ التجَّارِ في سَقيِ الخَدمِ عندَ إمساكِ الطَّمثِ الأدويَةَ التي تُرخيهِ فيَسيلُ المَنيُّ معَه فتَنقطعُ الوِلادةُ.
والحالةُ الثالثةُ بعدَ انخِلاقِه وقبلَ أنْ يُنفخَ فيه الروحُ، وهو أشَدُّ مِنْ الأوَّلينِ في المَنعِ والتَّحريمِ؛ لِما رُويَ مِنْ الأثَرِ: «وإنَّ السَّقطَ لَيظَلُّ مُحبَنطيًّا على بابِ الجَنَّةِ يَقولُ: لا أدخُلُ الجنَّةَ حتى يَدخلَ أبَوايَ»، فأما إذا نُفخَ فيه الرُّوحُ، فهو قَتلُ نَفسٍ بلا خِلافٍ». انتَهى
وانفَردَ اللَّخميُّ فأجازَ استِخراجَ ما في داخلِ الرَّحمِ مِنْ الماءِ قبلَ الأربَعينَ يَومًا، ووافَقَ الجَماعةَ فيما فوقَها، فإذا وَقفتَ على هذا التَّحقيقِ الذي تقدَّمَ جَلبُه مِنْ كَلامِ القاضي المُحقِّقِ أبي بَكرٍ ﵀ عَلِمتَ قَطعًا أنَّ اتفاقَ الزوجِ والزوجةِ على إسقاطِ الجَنينِ في المُدةِ التي ذَكرتُ وتَواطؤَهما
(١) «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (٣/ ٨٦)، و «حاشية الصاوي» (٥/ ٦٤).