للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيلَ: لها حُرمةٌ ولا يُباحُ إفسادُها ولا التسبُّبُ في إخراجِها بعدَ الاستقرارِ في الرَّحمِ، بخِلافِ العَزلِ؛ فإنه قبلَ حُصولِها فيه، قالَ الزَّركشيُّ: وفي تَعاليقِ بَعضِ الفُضلاءِ: قالَ الكَرابيسيُّ: سَألتُ أبا بكرِ بنَ أبي سَعيدٍ الفُراتِيِّ عن رَجلٍ سقَى جاريتَه شَرابًا لتُسقطَ ولَدَها فقالَ: ما دامَتْ نُطفةً أو عَلقةً فواسِعٌ له ذلكَ إنْ شاءَ اللهُ تعالَى. اه

وقد أشارَ الغَزاليُّ إلى هذه المَسألةِ في «الإحيَاء» فقالَ بعدَ أنْ قرَّرَ أنَّ العَزلَ خِلافُ الأَولى ما حاصِلُه: وليسَ هذا كالاستجهاضِ والوَأدِ؛ لأنه جِنايةٌ على مَوجودٍ حاصِلٍ، فأولُ مَراتبِ الوُجودِ وَقعُ النُّطفةِ في الرَّحمِ، فيَختلطُ بماءِ المَرأةِ، فإفسادُها جِنايةٌ، فإنْ صارتْ عَلقةً أو مُضغةً فالجِنايةُ أفحَشُ، فإنْ نُفخَتِ الرُّوحُ واستَقرَّتِ الخِلقةُ زادَتِ الجنايةُ تَفاحشًا، ثمَّ قالَ: ويَبعدُ الحُكمُ بعَدمِ تحريمِه.

وقد يُقالُ: أما حالةِ نَفخِ الرُّوحِ فما بعدَه إلى الوَضعِ فلا شكَّ في التحريمِ، وأما قبلَه فلا يقالُ: «إنه خِلافُ الأَولى» بل مُحتملٌ للتَّنزيهِ والتحريمِ، ويَقوَى التحريمُ فيما قَرُبَ مِنْ زمنِ النفخِ؛ لأنه جَريمةٌ، ثمَّ إنْ تَشكَّلَ في صُورةِ آدَميٍّ وأدرَكَتْه القوابِلُ وجَبَتِ الغُرةُ، نعم لو كانَت النطفةُ مِنْ زنًا فقدْ يُتخيَّلُ الجَوازُ، فلو تُركَتْ حتى نُفخَ فيها فلا شكَّ في التحريمِ، ولو كانَ الوطءُ زنًا والمَوطوءةُ حَربيةً فلا شكَّ أنه غيرُ مُحتَرَمٍ من الجِهتينِ.

وقد سُئلَ ابنُ اللَّبانِ عن مُسلمٍ زَنى بذمِّيةٍ ما حُكمُ الوَلدِ في الإسلام؟ فلَم يُجِبْ فيه بشَيءٍ، فقالَ له السائلُ: إنَّ ابنَ حَزمٍ ذكَرَ في كتابِ الجِهادِ

<<  <  ج: ص:  >  >>