للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعَنهُ جَوابانِ: أحَدُهما: أنَّ اشتِهارَ الحالِ بالاستِفاضةِ أغنَى عن البيِّنةِ الخاصَّةِ.

والثاني: أنَّ إقامَةَ البيِّنةِ مَوقوفٌ على طَلبِ الوليِّ، فإذا لم يَطلبْ سقَطَ لُزومُها (١).

وقالَ ابنُ رُشدٍ : وسُئلَ مالِكٌ عن تَفسيرِ حَديثِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ: «إنْ لم يَأتِ بأربَعةِ شُهداءَ فلُيْعطَ برُمَّتِه»، أي البِكرُ والثيِّبُ جَميعًا إذا أُتِيَ بأربَعةِ شُهداءَ خُلِّيَ سَبيلُه، قالَ: لا أدرِي ما هذا، لم أسمَعْ فيه شَيئًا، إنما أريدَ بهذا الحَديثِ مَوضعُ الشَّهادةِ الذي يدَّعي هذا الأمرَ للبَراءةِ له، قالَ ابنُ القاسِمِ: أرَى إذا قامَ أربَعةُ شُهداءَ في البِكرِ والثيِّبِ يَشهدونَ أنهُم رَأوهُ يَزني بها تُركَ، وهذا تَفسيرُ الحَديثِ.

قالَ مُحمدُ بنُ رُشدٍ: قَولُه في الحَديثِ: «فلْيُعطَ برُمَّتِه» مَعناهُ: فليُسلِّمْ بذاتِه للقَودِ منه بمَن قتَلَ منهُما، فنَصَّ على أنه يُقتلُ إنْ لم يَأتِ بأربَعةِ شُهداءَ، وسكَتَ عن الحُكمِ في ذلكَ إنْ أتَى بهم، فاقتَضَى دَليلُ قَولِه بحَملِه على عُمومِه ألَّا يُقتلَ إنْ أتَى بأربَعةِ شُهداءَ على مُعايَنةِ الزِّنا، كانَ المَقتولُ منهُما بِكرًا أو ثيِّبًا، وقد اختُلفَ في القَولِ بدَليلِ الخِطابِ، ولذلكَ توقَّفَ مالكٌ في ذلكَ فقالَ: لا أدرِي ما هذا، لم أسمَعْ فيه شَيئًا، ثم قالَ بعدَ ذلكَ: إنما أريدَ بهذا الحديثِ مَوضعُ الشَّهادةِ الذي يدَّعي هذا الأمرَ للبَراءةِ له، فرَأى بدَليلِ الخِطابِ ألا يُقتلَ إذا أتَى بأربعةِ شُهداءَ، ظاهِرُه في البِكرِ


(١) «الحاوي الكبير» (١٣/ ١٥٧، ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>