للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شُهداءَ؟ قالَ: لا حتى تأتِيَ بأربَعةِ شُهداءَ، كفَى بالسَّيفِ شاهدًا»، يَعني شاهِدًا عَليكَ، ومعنَى هذا السؤالِ أنه سَألَ عن سُقوطِ القَودِ.

ورَوى سَعيدُ بنُ المُسيبِ أنَّ رَجلًا مِنْ أهلِ الشامِ يُقالَ له ابنُ خَيريٍّ وجَدَ مع امرَأتِه رَجلًا فقتَلَه وقتَلَها، فرُفعَ إلى مُعاويةَ فأشكلَ عليهِ، فكتَبَ إلى أبي مُوسَى الأشعَريٍّ ليَسألَ عليَّ بنَ أبي طالبٍ عن ذلكَ، فسَألَه فقالَ عليٌّ: ليسَ هذا بأرضِنَا، عَزَمتُ عليكَ لتُخبرنِي، فأخبَرَه فقالَ عليٌّ: يَرضُونَ بحُكمِنا ويَنقمونَ عَلينا! إنْ لم ما يَأتِ بأربَعةِ شُهداءَ فلْيُعطَ برُمَّتِه»، وفيهِ تَأويلانِ:

أحَدُهما: مَعناهُ: فلْيُضرَبْ على رُمَّتِه قَودًا.

والثاني: مَعناهُ: فلْتُبذَلْ رُمَّتُه للقَودِ استِسلامًا.

فإنْ قيلَ: فإنَّ عُمرَ بنَ الخطَّابِ لم يُكلِّفْ في مِثلِ هذا البَينةَ وأهدَرَ الدَّمَ بشاهِدِ الحالِ فيما رُويَ «أنَّ رَجلًا خرَجَ في الجِهادِ وخَلفَ زوْجَتَه وأخاهُ، وكانَ له جارٌ يَهوديٌّ، فمَرَّ الأخُ ببابِ أخيهِ ذاتَ ليلةٍ فسَمعَ منها كَلامَ اليَهوديِّ وهو يُنشدُ:

وأشعَثَ غرَّهُ الإسلامُ مِنِّي … خَلَوتُ بعِرسِه ليلَ التَّمامِ

أبِيتُ على تَرائبِها وتُمسِي … على جَرداءَ لاحِقةِ الخِزامِ

كأنَ مَواضِعَ الرَّبَلاتِ منها … فِئامٌ يَنهضونَ إلى فِئامِ

فدخَلَ الدَّارَ فوجَدَه معَها فقتَلَه، فرُفعَ إلى عُمرَ فأهدَرَ دَمَه مِنْ غيرِ بيِّنةٍ».

<<  <  ج: ص:  >  >>