للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طاعةُ الأئمَّةِ وإجلالُهم، وكذلكَ نُوَّابُهم، فإنْ عَصَوا بظُلمٍ أو تَعطيلِ حَدٍّ وجَبَ الوعظُ وحَرُمتْ طاعتُه في المَعصيةِ وإعانتُه عليهَا؛ لقَولِه : «لا طاعَةَ لمَخلوقٍ في مَعصيةِ الخالقِ» (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ خَلدونَ : نَصبُ الإمامِ واجِبٌ قد عُرفَ وُجوبُه في الشَّرعِ بإجماعِ الصَّحابةِ والتابِعينَ؛ لأنَّ أصحابَ رَسولِ اللهِ عندَ وَفاتِه بادَرُوا إلى بَيعةِ أبي بَكرٍ وتَسليمِ النظَرِ إليه في أمُورِهم، وكذا في كلِّ عَصرٍ مِنْ بعدِ ذلكَ، ولم تُتْرَكِ الناسُ فَوضَى في عَصرٍ مِنْ الأعصارِ، واستَقرَّ ذلكَ إجماعًا دالًّا على وُجوبِ نَصبِ الإمامِ (٢).

وقالَ الإمامُ النَّوويُّ : لا بُدَّ للأمَّةِ مِنْ إمامٍ يُقيمُ الدِّينَ ويَنصرُ السُّنةَ ويَنتصفُ للمَظلومينَ ويَستوفِي الحُقوقَ ويَضعُها مَواضِعَها.

قلتُ: تَولِّي الإمامةِ فَرضُ كِفايةٍ، فإنْ لم يَكنْ مَنْ يَصلحُ إلا واحدًا تعيَّنَ عليهِ ولَزمَه طَلبُها إنْ لم يَبتدِئوهُ (٣).

وقالَ الإمامُ البُهوتيُّ : نَصبُ الإمامِ الأعظَمِ على المُسلمينَ فَرضُ كِفايةٍ؛ لأنَّ بالناسِ حاجَةً إلى ذلكَ لحِمايةِ البَيضةِ والذبِّ عن الحَوزةِ وإقامةِ الحُدودِ واستيفاءِ الحُقوقِ والأمرِ بالمَعروفِ والنهيِ عن المُنكَرِ، ويُخاطَبُ بذلكَ طائِفتانِ: إحداهُما: أهلُ الاجتِهادِ


(١) «الذخيرة» (١٣/ ٢٣٤).
(٢) «مقدمة ابن خلدون» ص (١٩١).
(٣) «روضة الطالبين» (٦/ ٤٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>