للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جامعٌ ولا يَزَعُهم وازِعٌ ولا يَردَعُهم عن اتباعِ خُطواتِ الشَّيطانِ رادِعٌ مع تَفنُّنِ الآراءِ وتَفرُّقِ الأهواءِ لَتبتَّرَ النظامُ وهلَكَ الأنامُ وتَوثَّبَ الطُّغامُ والعَوامُّ وتَحزَّبتِ الآراءُ المتناقِضةُ وتَفرَّقتِ الإراداتُ المُتعارِضةُ وملَكَ الأرذَلونَ سَراةَ الناسِ وفُضَّتِ المَجامِعُ واتَّسعَ الخَرقُ على الراقِعِ ونَشبَتِ الخُصوماتُ واستَحوذَ على أهلِ الدِّينِ ذَوُو العَراماتِ وتَبدَّدتِ الجَماعاتُ، ولا حاجةَ إلى الإطنابِ بعدَ حُصولِ البَيانِ، وما يَزعُ اللهُ بالسُّلطانِ أكثَرُ ممَّا يَزعُ بالقُرآنِ.

فإذا تَقرَّرَ وُجوبُ نَصبِ الإمامِ فالذي صارَ إليه جَماهيرُ الأئمَّةِ أنَّ وُجوبَ النَّصبِ مُستفادٌ مِنْ الشَّرعِ المَنقولِ غيرُ مُتلقًّى مِنْ قَضايا العُقولِ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ حَزمٍ : اتَّفقَ جَميعُ أهلِ السُّنةِ وجَميعُ المُرجِئةِ وجَميعُ الشِّيعةِ وجَميعُ الخَوارجِ على وُجوبِ الإمامةِ وأنَّ الأمَّةَ واجِبٌ عليها الانقِيادُ لإمامٍ عادلٍ يُقيمُ فيهم أحكامَ اللهِ ويَسوسُهم بأحكامِ الشَّريعةِ التي أتَى بها رَسولُ اللهِ ، حاشَا النَّجداتِ مِنْ الخَوارجِ فإنهُم قالوا: «لا يَلزمُ الناسَ فَرضُ الإمامةِ، وإنما عليهِم أنْ يُشاطوا الحقَّ بينَهُم»، وهذه فِرقةٌ ما نَرى بَقيَ منهُم أحَدٌ، وهُم المَنسوبونَ إلى نَجدةِ بنِ عُميرٍ الحَنفيِّ القائمِ باليَمامةِ.

وقَولُ هذه الفِرقةِ ساقطٌ، يَكفي مِنْ الردِّ عليهِ وإبطالِه إجماعُ كلِّ مَنْ ذكَرْنا على بُطلانِه، والقُرآنُ والسُّنةُ قد ورَدَ بإيجابِ الإمامِ، مِنْ ذلكَ قولُ


(١) «غياث الأمم» (٢١٧، ٢١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>