بُرهانُ هذا: أنه لا يَحلُّ لأحَدٍ أنْ يَدفعَ ظُلمًا عن نَفسِه بظُلمٍ يُوصِلُه إلى غيرِه، هذا ما لا خِلافَ فيه.
وأما الاستِعانةُ عليهِم ببُغاةٍ أمثالِهم فقدْ منَعَ مِنْ ذلكَ قَومٌ، واحتَجُّوا بقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (٥١)﴾ [الكهف: ٥١].
وأجازَه آخَرونَ وبه نَأخذُ؛ لأنَّنا لا نَتخذُهم عَضُدًا، ومَعاذَ اللهِ، ولكنْ نَضربُهم بأمثالِهم صِيانةً لأهلِ العَدلِ، كما قالَ اللهُ تعالَى: ﴿وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا﴾ [الأنعام: ١٢٩].
وإنْ أمكَنَنا أنْ نَضربَ بينَ أهلِ الحَربِ مِنْ الكفَّارِ حتى يُقاتِلَ بعضُهم بَعضًا ويَدخلَ إليهم مِنْ المُسلمينَ مَنْ يَتوصلُ بهم إلى أذَى غيرِهم بذلكَ حَسنٌ، وقد قالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: «إنَّ اللهَ يَنصرُ هذا الدِّينَ بقَومٍ لا خَلاقَ لهُم» … وقالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: «إنَّ اللهَ ليُؤيِّدُ هذا الدِّينَ بالرَّجلِ الفاجِرِ» … وقالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: «إنَّ اللهَ لَيُؤيِّدُ هذا الدِّينَ بأقوامٍ لا خَلاقَ لهُم».
قالَ أبو محمد ﵀: فهذا يُبيحُ الاستِعانةَ على أهلِ الحَربِ بأمثالِهم، وعلى أهلِ البَغيِ بأمثالِهم مِنْ المُسلمينَ الفجَّارِ الذين لا خَلاقَ لهم.
وأيضًا فإنَّ الفاسِقَ مُفتَرَضٌ عليهِ مِنْ الجِهادِ ومِن دَفعِ أهلِ البَغيِ كالذي افتُرضَ على المُؤمِنِ الفاضلِ، فلا يَحلُّ مَنعُهم مِنْ ذلك، بل الفَرضُ أنْ يَدعوَ إلى ذلكَ، وباللهِ تعالَى التوفيقُ (١).
(١) «المحلى» (١١/ ١١٣، ١١٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute