وإنْ ترافَع إلينا ذِمِّيان اختَلفَت ملَّتُهما، كيَهوديٍّ ونَصرانِيٍّ، فيَجبُ كذلك على القاضي المُسلمِ الحُكمُ بينَهما جَزمًا؛ لأنَّ كلًّا منهما لا يَرضى مِلةَ الآخَرِ.
وهذا الحُكمُ فيما إذا تَرافَعوا إلينا، أمَّا إذا لمْ يَترافَعوا إلينا لم نَدعُهم إلينا، ولمْ نعتَرِضْ عليهم فيها.
واستَثنى الشِّربينيُّ الخَطيبُ وغيرُه ما لو تَرافَع إلينا أهلُ الذِّمةِ في شُربِ الخَمرِ؛ فإنَّهم لا يُحدُّونَ، وإنْ رَضُوا بحُكمِنا؛ لأنَّهم لا يَعتقِدونَ تَحريمَه (١).
وقالَ الحَنابِلةُ: إذا تحاكَم إلينا أهلُ الذِّمَّة، إذا استَعدى بَعضُهم على بَعضٍ فالحاكِمُ مُخيَّرٌ بينَ إحضارِهم والحُكمِ بينَهم وبينَ تَركِهم، سَواءٌ كانُوا من أهلِ دِينٍ واحِدٍ أو من أهلِ أديانٍ.
(١) «مغني المحتاج» (٣/ ١٩٥)، و «المهذب» (٢/ ٢٥٦)، و «الحاوي الكبير» (٩/ ٣٠٦، ٣٠٧)، (١٠/ ١٠٨)، و «أسنى المطالب» (٣/ ١٦٧)، و «مختصر خلافيات البيهقي» (٤/ ٤١٤).