للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالِثًا: قَولُ الشافِعيةِ:

قالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ : ويُعزَّرُ مَنْ وافَقَ الكُفارَ في أَعيادِهم -بأنْ يَفعلَ ما يَفعلونَه في يَومِ عِيدِهم، وهذا حَرامٌ (١) - ومَن يُمسِكُ الحَيَّةَ ويَدخلُ النارَ ومَن قالَ لذِميٍّ يا حاجُّ، ومَن هنَّأَه بعِيدِه (٢).

وقد نَصَّ الإمامُ ابنُ حَجرٍ الهَيتَميُّ على حُرمةِ التَّشبُّهِ بهم في أعيادِهم، وله تَفصيلٌ في ذلك، فجعَلَ التَّشبُّهَ بهم على ثَلاثةِ أحوالٍ:

فقالَ: والحاصِلُ أنَّه إنْ فعَلَ ذلك بقَصدِ التَّشبُّهِ بهم في شِعارِ الكُفرِ كفَر قَطعًا، أو في شِعارِ العيدِ مع قَطعِ النَّظرِ عن الكُفرِ لم يَكفرْ، ولكنَّه يَأثمُ وإنْ لم يَقصِدِ التَّشبيهَ بهم أَصلًا ورَأسًا، فلا شَيءَ عليه.

ثم رَأيتُ بعضَ أئِمَّتِنا المُتأخِّرينَ ذكَرَ ما يُوافِقُ ما ذكَرَتُه، فقالَ: ومِن أقبَحِ البِدعِ مُوافَقةُ المُسلِمينَ النَّصارى في أعيادِهم بالتَّشبُّهِ بأَكلِهم والهِديةِ لهم وبقَبولِ هَديَّتِهم فيه، وأكثَرُ الناسِ اعتِناءً بذلك المِصريُّونَ، وقد قالَ : «مَنْ تَشبَّهَ بقَومٍ فهو منهم».

بل قالَ ابنُ الحاجِّ: لا يَحِلُّ لمُسلمٍ أنْ يَبيعَ نَصرانيًّا شَيئًا من مَصلحةِ عيدِه لا لَحمًا ولا أَدمًا ولا ثَوبًا ولا يُعارونَ شَيئًا ولو دابةً؛ إذْ هو مُعاونةٌ لهم على كُفرِهم، وعلى وُلاةِ الأمرِ مَنعُ المُسلِمينَ من ذلك … ويَجبُ مَنعُهم من التَّظاهرِ بأَعيادِهم. اه (٣).


(١) «حاشية البيجيرمي على الخطيب» (٥/ ٢١).
(٢) «مغني المحتاج» (٤/ ١٩٤)، و «الإقناع» (٢/ ٥٢٦).
(٣) «الفتاوى الفقهية الكبرى» (٤/ ٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>