للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصَّوابُ: أنَّ إِثباتَ الواوِ وحَذفَها جائِزانِ كما صحَّت به الرِّواياتُ، وأنَّ الواوَ أجوَدُ كما هو في أكثَرِ الرِّواياتِ ولا مَفسدةَ فيه؛ لأنَّ السامَ المَوتُ، وهو علينا وعليهم، ولا ضَررَ في قَولِه بالواوِ.

واختَلفَ العُلماءُ في رَدِّ السلامِ على الكُفارِ وابتِدائِهم به؛ فمَذهبُنا تَحريمُ ابتِدائِهم به ووُجوبُ رَدِّه عليهم بأنْ يَقولَ: «وعليكم»، أو «عليكم» فقط، ودَليلُنا في الابتِداءِ قَولُه : «لا تَبدؤوا اليَهودَ ولا النَّصارى بالسَّلامِ»، وفي الرَّدِّ قَولُه : «فقولوا وعليكم»، وبهذا الذي ذكَرْناه عن مَذهبِنا قالَ أكثَرُ العُلماءِ وعامةُ السَّلفِ.

وذهَبَت طائِفةٌ إلى جَوازِ ابتِدائِنا لهم بالسلامِ، رُوي ذلك عن ابنِ عَباسٍ وأبي أُمامةَ وابنِ أبي مُحيريزٍ، وهو وَجهٌ لبَعضِ أصحابِنا حَكاه الماوَرديُّ لكنَّه قالَ: يَقولُ: السلامُ عليك، ولا يَقولُ: «عليكم»، بالجَمعِ، واحتَجَّ هؤلاء بعُمومِ الأَحاديثِ وبإِفشاءِ السلامِ، وهي حُجةٌ باطِلةٌ؛ لأنَّه عامٌّ مَخصوصٌ بحَديثِ: «لا تَبدؤوا اليَهودَ ولا النَّصارى بالسلامِ».

وقالَ بعضُ أصحابِنا: يُكرهُ ابتِداؤُهم بالسلامِ ولا يَحرمُ، وهذا ضَعيفٌ أيضًا؛ لأنَّ النَّهيَ للتَّحريمِ، فالصَّوابُ تَحريمُ ابتِدائِهم، وحَكى القاضي عن جَماعةٍ أنَّه يَجوزُ ابتِداؤُهم به للضَّرورةِ والحاجةِ، أو لسَببٍ، وهو قَولُ عَلقمةَ والنَّخَعيِّ، وعن الأَوزاعيِّ أنَّه قالَ: «إنْ سلَّمتَ فقد سلَّمَ الصَّالِحونَ، وإنْ تَركتَ فقد ترَك الصَّالِحونَ».

وقالَت طائِفةٌ من العُلماءِ: لا يَردُّ عليهم السلامَ، ورَواه ابنُ وَهبٍ وأشهَبُ عن مالِكٍ وقالَ بعضُ أصحابِنا: يَجوزُ أنْ يَقولَ في الردِّ عليهم:

<<  <  ج: ص:  >  >>