للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا النَّصارى بالسلامِ فإذا لقيتُم أحدَهم في طَريقٍ فاضطَرُّوه إلى أضيَقِه» (١).

قالَ الإمامُ النَّوويُّ في شَرحِ مُسلمٍ: اتَّفق العُلماءُ على الردِّ على أهلِ الكِتابِ إذا سلَّموا لكنْ لا يُقالُ لهم: «وعليكم السلامُ» بل يُقالُ: «عليكم» فقط، أو «وعليكم».

وقد جاءَت الأَحاديثُ التي ذكَرَها مُسلِمٌ «عليكم» «وعليكم» بإِثباتِ الواوِ وحَذفِها، وأكثَرُ الرِّواياتِ بإِثباتِها، وعلى هذا ففي مَعناه وَجهانِ:

أحدُهما: أنَّه على ظاهرِه فقالُوا: «عليكم المَوتُ» فقالَ: «وعليكم أيضًا»، أي: نحن وأنتم فيه سَواءٌ وكلُّنا نَموتُ.

والثانِي: أنَّ الواوَ هنا للاستِئنافِ لا للعَطفِ والتَّشريكِ، وتَقديرُه: وعليكم ما تَستحِقُّونه من الذَّمِّ، وأمَّا حَذفُ الواوِ فتَقديرُه: بل عليكم السامُ.

قالَ القاضي: اختارَ بعضُ العُلماءِ -منهم ابنُ حَبيبٍ المالِكيُّ- حَذفَ الواوِ؛ لئلَّا يَقتَضيَ التَّشريكَ، وقالَ غيرُه بإِثباتِها كما هو في أكثَرِ الرِّواياتِ، قالَ: وقالَ بَعضُهم: يَقولُ: «عليكم السِّلامُ» بكَسرِ السِّينِ، أي: الحِجِارةُ، وهذا ضَعيفٌ، وقالَ الخَطابيُّ: عامةُ المُحدِّثينَ يَروونَ هذا الحَرفَ «وعليكم»، بالواوِ، وكانَ ابنُ عُيَينةَ يَرويه بغيرِ واوٍ، قالَ الخَطابيُّ: وهذا هو الصَّوابُ؛ لأنَّه إذا حذَفَ الواوَ صارَ كَلامُهم بعَينِه مَردودًا عليهم خاصةً، وإذا ثبَتَت الواوُ اقتَضى المُشاركةَ معهم فيما قالُوه. هذا كَلامُ الخَطابيِّ.


(١) روى هذه الأَحاديثَ الإمامُ مُسلمٌ في «صحيحه» (٢١٦٣، ٢١٦٤، ٢١٦٥، ٢١٦٦، ٢١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>