للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولْيعتبِرِ المُعتبِرُ بسيرةِ نُورِ الدِّينِ وصَلاحِ الدِّينِ ثم العادلِ كيفَ مكَّنَهم اللهُ وأيَّدَهم وفتَحَ لهم البِلادَ وأذَلَّ لهم الأَعداءَ لمَّا قامُوا من ذلك بما قامُوا، ولْيعتبِرْ بسِيرةِ مَنْ والى النَّصارى كيف أذَلَّه وكبَتَه (١).

وقالَ ابنُ القَيمِ : فَصلٌ: في المَنعِ من استِعمالِ اليَهودِ والنَّصارى في شَيءٍ من وِلاياتِ المُسلِمينَ وأُمورِهم.

قالَ أبو طالِبٌ: سأَلتُ أبا عبدِ اللهِ: يُستعمَلُ اليَهوديُّ والنصرانِيُّ في أعمالِ المُسلِمينَ مِثلَ الخَراجِ؟ قالَ: لا يُستعانُ بهم في شَيءٍ.

وكتَبَ عُمرُ بنُ الخَطابِ إلى عُمالِه: أمَّا بَعدُ: فإنَّه مَنْ كانَ قِبَلَه كاتِبٌ من المُشرِكينَ فلا يُعاشِرْه، ولا يُوازِرْه، ولا يُجالِسْه، ولا يَعتضِدْ برأيِه؛ فإنَّ رَسولَ اللهِ لمْ يَأمرْ باستِعمالِهم، ولا خَليفتُه من بعدِه.

وورَد عليه كِتابُ مُعاويةَ بنِ أبي سُفيانَ: أمَّا بَعدُ: «إنَّ بالشامِ كاتِبًا نَصرانيًّا لا يَقومُ خَراجُ الشامِ إلا به، فكتَبَ إليه: «لا تَستعمِلْه». فكتَبَ: إنَّه لا غِنى بِنا عنه. فكتَبَ إليه عُمرُ: «لا تَستعمِلْه»، فكتَبَ إليه: إذا لمْ نُولِّه ضاعَ المالُ. فكتَبَ إليه عُمرُ : «ماتَ النَّصرانِيُّ، والسَّلامُ».

وكانَ لعُمرَ عَبدٌ نَصرانِيٌ، فقالَ له: «أسلِمْ حتى نَستعينَ بك على بعضِ أُمورِ المُسلِمينَ؛ فإنَّه لا يَنبَغي لنا أنْ نَستعينَ على أمرِهم بمَن ليسَ منهم، فأَبى، فأعتَقه وقالَ: اذهَبَ حيثُ شِئتَ».


(١) «الآداب الشرعية» (٢/ ٤٣٣) وما بعدَها.

<<  <  ج: ص:  >  >>