للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهؤلاء المَوصوفونَ تُؤخذُ منهم الجِزيةُ بلا رَيبٍ ولا نِزاعٍ بينَ أئِمةِ العِلمِ؛ فإنَّه يُنتزَعُ منهم ولا يَحِلُّ أنْ يُترَكَ شَيءٌ من أرضِ المُسلِمينَ التي فتَحُوها عَنوةً وضُرِبت الجِزيةُ عليها؛ ولِهذا لم يَتنازَعْ فيه أهلُ العِلمِ من أهلِ المَذاهبِ المَتبوعةِ من الحَنفيةِ والمالِكيةِ والشافِعيةِ والحَنابِلةِ في أنَّ أرضَ مِصرَ كانَت خَراجيَّةً، وقد ثبَتَ ذلك في الحَديثِ الصَّحيحِ الذي في صَحيحِ مُسلمٍ حيثُ قالَ: «مَنَعتِ العِراقُ دِرهَمَها وقَفيزَها، ومَنَعتِ الشامُ مُدَّها ودِينارَها، ومَنَعتْ مِصرُ إردَبَّها ودِرهَمَها، وعُدتُمْ من حيثُ بَدأتُمْ»، لكنِ المُسلِمونَ لمَّا كَثُروا نقَلوا أرضَ السَّوادِ في أوائِلِ الدَّولةِ العَباسيةِ من المُخارَجةِ إلى المُقاسَمةِ، ولذلك نقَلوا مِصرَ إلى أنِ استَغلوها هُم، كما هو الواقِعُ اليَومَ، ولذلك رُفعَ عنها الخَراجُ.

ومِثلُ هذه الأرضِ لا يَجوزُ باتِّفاقِ المُسلِمينَ أنْ تُجعلَ حَبسًا على مِثلِ هؤلاء، يَستغلُّونها بغيرِ عِوضٍ، فعلِمَ أنَّ انتِزاعَ هذه الأرضِينَ منهم واجِبٌ باتِّفاقِ عُلماءِ المُسلِمينَ، وإنَّما استَولَوْا عليها بكَثرةِ المُنافِقينَ من المُنتسِبينَ إلى الإسلامِ في الدَّولةِ الرافِضيةِ، واستمَرَّ الأمرُ على ذلك، وبسَببِ كَثرةِ الكُتَّابِ والدَّواوينِ منهم ومن المُنافِقينَ يَتصرَّفونَ في أموالِ المُسلِمينَ بمِثلِ هذا كما هو مَعروفٌ من عَملِ الدَّواوينِ من الكافِرينَ والمُنافِقينَ.

ولِهذا يُوجَدَ لمَعابِدِ هؤلاء الكُفارِ من الأحباسِ ما لا يُوجَدَ لمَساجِدِ المُسلِمينَ ومَساكنِهم للعِلمِ والعِبادةِ، مع أنَّ الأرضَ كانَت خَراجيةً باتِّفاقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>